مصرع البطل النوراني (الجزء الثاني) بقلم الشاعرة حنان بدران
مصرع البطل النوراني ٢
كتب شهيد الكلمة غسان كنفاني عن أدب المقاومة، نجده يشدد على هذه الملاحظة في أدبهم ويتحدث عن ظاهرة “البطل المعصوم الذي يشعر على الدوام بالتوفيق واحتقار واضح لكل من عداه”.
وشدد في كتابه أن الحس الموهوم بالعظمة كان دوما سلاح الانعزال اليهودي والمتراس الذي من ورائه رفض اليهود الاندماج بالشعوب الأخرى، وقد حفلت أعمالهم الأدبية بشواهد الدامغة ولا ترد على ذلك.
والشواهد في التلمود أكثر من أن تحصى، والذي يتابع تلمودهم يقرأ البطل الخارق الذي لا يقهر ولم ينتكس ولو انتكاسة واحدة، وأيضا الذي يقرأ رواياتهم تذهل لظاهرة اسمها ظاهرة جنون العظمة أي” بارانويا “واستمرارها في أكثر نتاجهم ثمة تصاعد في” جنون العظمة “لهذا بقيت الحرب السريعة الخاطفة هي المفضلة لإسرائيل، لأسباب عسكرية واقتصادية فحسب بل لسبب نفسي سيكولوجي يتعلق بطبيعة الشعب والوهم الكبير الذي يعيشون فيه.
وأمام هزيمتهم في ساحة الحرب كما نرى الآن نجد كلما خرجت المقاومة لتعلن انتصارا ما محفوف بالأدلة الدامغة يتبعه تصاعد جنوني محفوف بالكذب الذي يكاد يصدقه هو نفسه، من هنا كانت الحرب الطويلة الأمد للعرب فرضت علينا على الأمد الطويل أمرا محتوما وضروريا.
ولكن ويلات الحرب المحتومة بعد معركة الطوفان خاضت بغطرساتها حربا قتالية رغم عدم تكافئها بين الطرفين،
إلا أن العلاج الوحيد لبقية الأسرة الصهيونية من جنون العظمة ووهم الخلود والظن أن أولاد إسرائيل أو أخيلوس (البطل الإغريقي الأسطوري الذي غمسته أمه يوم ولد في دن الخمر الإلهي كي تمنحه الخلود، لكن محل يدها وهي تمسكه لم يمسه الخمرة المقدسة ولذا كان مستعصيا على القتل إلا إذا أصابه سهم في كعبه)
حتى أخوليس هذا سمحت الأساطير أن يقتل ذات يوم، حتى جاءت هذه الحرب الطويلة وسمحت للحمقى أن يقتلوا حتى وإن كان بطلا توراتيا؟
يبقى السؤال كجرس إنذار هل تظنون أن تجعلهم الويلات ويلات الحرب المحتومة يعون إنسانيتهم المنسية، ويعون أن من يحارب يجب أن يتفهم سلفا أن من يَقتل يمكن أن يُقتل هو أيضا حتى وإن كان بطلا توراتيا ؟!
والآن أمام إمكانية سقوط عدد كبير من أحبائه قتلى…!!!
أمهات إسرائيل لا يبكين أبناءهن لهذا نرى الندابات يبكين الحلم لا الرجل، يبكين الوهم والأسطورة ويجثون على ركبهن أمام قبر الأسطورة لا قبر الولد فحسب.