أدب وفن

ممنوع من الصرف / قصة قصيرة/ بقلم القاصة هند يوسف خضر

ممنوع من الصرف
ثمة أحلام تحاول الصعود على كتف المستحيل، لاشيء يستطيع أن يقف في وجه الحلم، لأنه خارج كل رقابة،
كل صباح تجلس ياسمين و زوجها على شرفة منزلهما، يرتشفان القهوة بصمت و شرود قبل أن يذهبا إلى عملهما كأطباء…
ياسمين التي اختارت طب الأطفال لشدة تعلقها بأي طفل تراه، خلال دراستها الجامعية تعرفت على طالب طب اختصاص نسائية، اسمه غيث، عاشا قصة حب بأروع تفاصيلها، خططا لأشياء كثيرة بعد الزواج مثل أسماء أطفالهم، غرفهم و كيفية تزيينها، تغذيتهم، ملابسهم وألعابهم..
بعد التخرج بدأت أحلامهما تتحقق شيئاً فشيئاً، افتتح كل منهما عيادة خاصة بنفس المبنى، تقدم غيث لطلب يدها وتمت مراسم الزواج و كل شيء بدا على ما يرام..
بعد مرور ثلاث سنوات عاشا فرحة لا توصف- فرحة الحمل- إنه الخبر الذي انتظراه بفارغ الصبر،جهزا غرفة الطفل بكل ما يلزم، مرت أشهر الحمل الأولى بسلام، انحصر تفكيرهما كيف سيجري لها زوجها عملية التوليد والمشاعر التي ستنتابه عندما يمسك وليده بيديه، لاشك سيعتريه شيء من الرجفة الممزوجة بالسعادة المنتظرة..
ذات نهار بينما كانت تنزل من عيادتها وقعت عن الدرج، نزفت مباشرة، حملها ليسعفها إلى المستشفى، أدخلها إلى غرفة العمليات، لم يستطع السيطرة على الوضع فقد أجهضت، بدأ بإجراء المناسب لها، لكن استمر النزف ولم يتمكن من إيقافه إلى أن اضطر لاستئصال الرحم لإنقاذها..
كان يوماً مأساوياً للغاية، كل الفرح الذي سكن قلبيهما انقلب إلى انكسار أبدي، حاول جاهداً مواساتها رغم الحزن الذي يعتصر روحه، عانت من اضطرابات نفسية كثيرة لفترة من الزمن، حاولت النهوض من جديد لكنها كانت دائمة الفشل كلما أمسكت طفلاً بين يديها لمعاينته، لم تكن معاناتها أقل منه فقد أضحى يتألم كلما أنجب طفلاً إلى هذه الحياة…
لقد تكسر حلمهما وأصبح ممنوعاً من الصرف…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى