أدب وفن

إبحار على متن القصيد/ قصيدة الشاعرة روضة اللبابيدي / قراءة أدبية للناقد خالد الخليفة

رسمت الروح
على مرايا السنين
طقوس فجرت الطفولة
الخدود وردية
عجنت الدمع
خشوع على قارعة
الطريق
توضأت ببئر عيني
بصيرة الحرف
ممزقة
اصوات نافذتي
صارخة
من صفعات الريح
مصلوبة الثغر
على معول الخصر
لن يبكيني
موت النهر
احمل جسدي
بعيدة
عن حرب الوجوه
لأعتلي النفير
على الأجسام
شعرا..

قراءة أدبية بقلم الناقد خالد الخليفة

رسمت الروح
على مرايا السنين
طقوس فجرت الطفولة
•••••••••••••
سؤال تطرحه الشاعرة طالما أثار فضول الكثير وهو ( هل يمكن رسم الروح ؟ ) ..

وجدت الشاعرة فرشاتها والألوان الخاصة بالرسم في درج ذاكرتها الذي دهسته سنين الأمنيات في معتقل العتاب للزمن ، تقتات من ذكريات طفولتها لتفك طلاسم تلك السنين العجاف المملوءة بالحزن .
رسمت الروح على تلك المرايا كأنها طفل يعانق الفراغ ، وهي تجمع شتات تلك الجراح في طقوس لقداس طهر وسط دوامة تساؤلاتها الطوال .

الخدود وردية
عجنت الدمع
خشوع على قارعة الطريق
•••••••••••
شاعرتنا هنا تقف متعبة ؟ تعطي بلطف الأنثى ذاك الجمال في الوصف مع نوبة حزن ممزوجة بالخوف والقلق ، كأنها تزاول أحلامها وقت النهار ، خشوع تنادي به كأنها تطلب ( الدثار ) لمتاع كلماتها تحت صقيع الحزن وهي غير مبالية بكل الحشود على الطريق ولم يمنعها من دفع الأرق .

توضأت ببئر عيني
بصيرة الحرف ممزقة
أصوات نافذتي صارخة
من صفعات الريح
مصلوبة الثغر
••••••••••••

هنا الشاعرة تواجه حزنها وجها لوجه وتقاضيه بأعلى صوتها ، تعطي قداسة الدمع للعين كالدرر في ذلك الفردوس من الخشوع كراهب وقت الصلاة يبتهل ، تتابع دون ملل وهي تستعيذ ببصيرة حرفها الثاقبة لأنها آخر ما تملكه من رمق .
هيئة الحرف عند شاعرتنا تشبه فتاة جميلة ثيابها ممزقة !! وعلى امتداد ملامحها تنتحر براءة الضحكات تقطر بالدماء مرملة ! …
والأصوات تلوح بيدها من خلال نافذتها العذراء من كل صخب ، تشبه في منظرها عروس ليلة زفافها بيضاء ناصعة العطر ، في داخل صدرها ضجيج الصمت يعلن ثورة الغضب ؟! .
يثيره شجون الليل المتخم بالارق كأنه يسيل خمراً تلعقه ذاكرتها بنهم ! .
ورغم صفاقة الريح وقسوتها تقف الشاعرة تصغي لأصوات ذاكرتها وهمس الغياب في حلكة الليل يطرق بابها ليشعل النار في بعض العظام من حولها ، كأنه شتاءاً راكب على راحلته وجع المشهد الأخير ؟ .
••••••••••

على معول الخصر
لن يبكيني موت النهر
أحمل جسدي بعيدة

هنا يتعالى صراخ الروح لدى الشاعرة حد الحطام ! وهي تمثل خشبة ( مسرح الحياة ) وهي تعاني مثل ولادة من الخاصرة ! مسكونة الوجع اناخ فيها الحزن مقابر خيبات كثيرة .
لكنها تعلن التمرد على نفسها وسط هذه الشواخص الكثيرة من الرخام تنعى موت ذاك النهر صديقها وهي تقبض على جمرة الحزن بقلبها موشومة عينينها بالاحتظار ؟ .
تحمل جسدها كناية عن ذكرياتها معفرة جبهة النحيب بالطين والدماء ، مترنحة مثل ارجوحة بين قوافيها خلعت خلفها أبواب الوجع وبانت روحها تعانق خيط الفجر والحياة .

•••••••••••••
عن حرب الوجوه
لاعتلي النفير
على الأجسام شعراً

هنا في شاحب الوقت تعلن الشاعرة عن زمهريراً يأت بألوان الوجوه المتقلبة كأنها سماء الخريف أو تشبه شمس الشتاء وهي تهشم عصب الذاكرة وتعلن التمرد والنفير وتبث في كلماتها الفزع .
بذلك الألم بداخلها وحواس الكلمات وتضعها قيد القلق حتى تكاد ترثي نفسها التي تراها مثل أرض قفار تعتلي رغم البؤس ذاك الفردوس المفقود شعراً .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى