أدب وفن

إبحار على متن القصيد

قصيدة الشاعرة مريم طبطبائي

أحبُّ البحر
زرتُ بحوراً ثلاثة
ولا علاقة لي ب “بحور” الشعر

لا أرافقُ أحداً فيما أحبّ وأكره
(كتفي قليلُ العرض جداً)
لا أعرفُ ما السبب؛ لكنني أمشي ولا أُعيرُ وجهي للماء تماماً
أخافُ من الصور المتموّجة
من المدِّ والجزر وما بينهما..

غريبةُ الأطوار أعلم
أُصفّق بيدٍ واحدة مثل أولاد حيّ مدينة “لوباز” الأشقياء
وأشدُّ وحيد “القرن” بخنصري الصغير جداً
وأُجري صفقةً سوقيّة مع تجّار “پوتوسي”
وأعود لبيع “السُّكر” في “عكا” الجميلة..
أنا.. يا أنتم
أفعلُ تماماً كما لا يفعلُ وكيل الله!
أشتري الملح
وأبيعهُ سُكّراً..سُكّرا
ولا آخذُ المال من أطفال “رام الله” أبداً


مقرفٌ أن تأخذ المال من حلاوةٍ تبيعهُا حلاوة..!!


أعود لأخبركِ يا “پيلا”
كيف كنتُ أمشي وأُمسِكُ بذيل عقلي كي لا يفرَّ ك بهلول المجنون، وأنا أقتربُ بفمٍ مفتوحٍ من زوايا
“سالار دي أويوني”
أكبرُ مرآة ملحٍ في “بوليفيا”
أو أغرب بحيرةٍ …..
(لا يهم)
الحاصلُ أن دهشتي الجبليّة
كانت لا تزال ترقص كقبيلة ” موراي”
وكأنّني لأول مرةٍ أخرجُ من معبد العزلة
وأرى وجه إله الملح الزَّهري
إنّهُ تماماً
يُشبهُ عين المسيح المبارك
يوم كانت تلمعُ مثل حجر “غوشينيت” النادر
ويذوبُ ملحها..!!

——
أولُ مرةٍ أرى شيئاً بهذا الجنون واللاحقيقة!!

تقول الخرافة هناك:
-وأنا لا أخافُ الخوض في أحاديث الخرافة-
أن محطةً للمسافرين كانت هنا
يتودّعون
ويبكون
ك ” سوماي وإيزات”
ويتشائمون من مسح الدموع بالمناديل
لذا يتركونها تقطرُ من الخدود للقاع مباشرةً
ولكثرة ما شربت الأرض الصخرية
من دموعهم المالحة
قالوا أن بحيرة عملاقة نمت تحت وجه الأرض الحنطيّة
وما لبثت
أن أنجبت عيوناً ملتصقة كأزرار “ماء الزرنشيت الشفاف”
فكانت صورةُ مرآة الملح هذه..
وآخرُ خرافةٍ تقول
أنها عُنُقُ امرأةٍ طويلة
سافر زوجها ليجلب العسل من جبل ” أرسين “
ولم يعد..
————
لم أُضِعِ المكان ولا وقتي
لكنّ ساعتي الغبية تجرّني لليل دائما
وأنا أريدُ أن أكمل سيري بلا بوصلة ولا عقارب تلدغ
أريدُ الوصول لتلك الساعة الكبيرة
في ساحة “بوليفيا” أيضاً
ساعة تمشي “بالمقلوب”
تدور في اتجاه واحد!!!
وأنا أعشقُ من يُخالفُ الزمن
والجهات
لم يربح في لعبة الجهاتِ إلا “الطيب الصالح”
هل عرفتِ الآن لماذا كتب الهجرة إلى الشمال؟!!
بينما يقصد السائحون ساعة الجنوب؟!
إنها أحجية الجهات يا “پيلا”..
وأحبُّ أكثر “مدنَ الملحِ” وكاتبها
لقد كشف سوءة شبه جزيرتنا
قبل أن يكتشفوا نفطهم، ويبيعوا ملحهم..

لحظة فقط
أريدُ أن أخبركِ يا پيلا بما قاله ماسح الأحذية “فرانز” الذي يعمل قريبا من مقر الكونغرس في بوليفيا حيث الساعة ملتصقة على ذلك المبنى:

“إن الساعة فكرة سيئة”
“إذا أرادوا إيصال رسالة بأن البلاد مقبلة على تغيير اتجاهها، لابد لهم أن يفصحوا عن ذلك، لأن جميع الناس هنا يرون أنها خطأ”.

كم الساعة عندك الآن يا وطني؟!

قراءة أدبية للشاعر مردوك الشامي

أعترف بتقصيري ، انا لم أقرأ مريم طبطبائي قبل ليلة البارحة ، حين أرسلت لي الغالية حنان فرفور هذا النص وقالت ما رأيك؟
قلت لها بعد قراءته نص ساحر.. لمن هو ، أظنه لشاعر عالمي.
قالت هو لمريم طبطبائي، لبنانية تقيم في أميريكا..
قرأته مرة ثانية ، وثالثة .. نص مشحون بالأماكن، منسول من غربة موجعة، دفاقٌ كما دمعة يتيم فقد أمه / وطنه للتو ..
أعترف لجهلي بالجغرافيا استعنت بغوغول لأعرف الأماكن التي وظفتها مريم، بوليفيا بكل مافيها من ملح وسكّر..
فلسطين، ثم التركيز على الزمن / ساعة الكونغرس في بوليفيا..
الساعة فكرة سيئة / هكذا تقول مريم على لسان ماسح الأحذية ، ثم تختم نصها المبهر بعبارة” كم الساعة عندك الآن يا وطني؟!” .
مريم طبطبائي لاعبة في حقول التناص، لا صورة تمر، لا فكرة ، لا عبارة إلا وتحمل دلالات بلا عدد ، لاعبة أيضا في رياض اللغة تتقن توظيف البساطة في مواقع التعقيد، وتفلح في فك الطلاسم بطلاسم أكثر توقا لباحثين عن مفاتيحها..
مريم طبطبائي ، لن أتنكر لمقولتي لحظة قرأت النص لحنان: عالمية أنت ، والساعة في الوطن منذ أزمنة توقفت عن الحياة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عفوًا بس لعاملي حالة شاعرة ما بحقلا تسرق تعب و طريقة حدا ثاني بالكتابة بزا تتميز تخترع إسلوب إلا ما تسرق أسلوب حدا تعب وصل لهون بلا ذوق

زر الذهاب إلى الأعلى