أرواحيات (مليار عميل و كلب حراسة !)
أرواحيات (مليار عميل و كلب حراسة !)
محمد صالح صرخوه *
2 مايو 2014 الساعة 4 فجرا :
كنت استمع لاعترافات متهم بالجاسوسية لصالح اسرائيل أيام النكسة حينما سُئِل عن دوره المسنود إليه ..
(كان دوري مقتصرا على الجلوس في حافلات المواصلات بين الناس و تأليف النكت عن الجيش المصري و بثّها بين الركاب .. لدى وصولي الى البيت .. كنت أسمع النكتة التي ألّفتها .. من جاري . لسرعة انتشارها !)
4.15 فجرا :
مقطع اخر كان يقول :
هبة سليم . مصرية وُظّفت كعميلة للموساد . تحت ضغط رغبتها بمن يرعى هجرتها الى فرنسا التي كانت مغرمة بها .
مقطع اخر يقول :
تم توظيفه كعميل للموساد ضد مصر ، من خلال جاسوسة مغربية يهودية كان واقعا بغرامها .
مقطع اخر :
تم توظيف أشرف مروان (صهر جمال عبدالناصر) لخدمة الموساد كعميل لاسرائيل . تحت ضغط حبه الشديد للمال و النساء .
6 مارس 2012
كنت أشاهد على احدى القنوات الفضائية محللا سياسيا كويتيا معروفا يحث اسرائيل على ضرب سوريا رغم تأكيده لعدواته لاسرائيل و عدم قبوله لأي صفقة سلام مع دولة اسرائيل .
15 ابريل 2018
قرأت في احدى حسابات تويتر مقالا لكاتب عربي يدعو للواقعية و نبذ الأحلام (بذلك وصف حركات المقاومة) و القبول بسلام مع اسرائيل و ان كان ذلك بإكراه !
في اليوم نفسه لاحظت عدد الحسابات الوهمية و غير الوهمية المتزايد للدفاع عن تلك الفكرة !
2 يناير 2020
كان الصوت الطاغي في الاعلام العربي الرسمي و غيره يتخذ من محور المقاومة عدوا كاملا و يتبنّى كل موقف يتخذه الرئيس الامريكي دونالد ترامب
28 يناير 2020
تمت صفقة القرن بالاعتراف الكامل باسرائيل كدولة عاصمتها القدس و بفلسطين كدولة مجزّأة ذات أراض مبعثرة يتطلب المتنقل ما بينها عبور الحدود الاسرائيلية !
تحليل :
لا يخلو امرئ من نقطة ضعف ، ثمة من يضعف أمام المال ، آخر يضعف أمام أبنائه ، و آخر يضعف أمام شهادة الدكتوراه ، و الخ ..
تتعدد الرغبات بما يعد حاجة (شعور بالنقص) يكابده المرء إزاء شيء ما بما يشكل لديه نقطة ضعف .. ليست هنا المسألة ..
ثمّة عالم للأفكار ، يتضمن وجود الانسان في مستوياته العميقه ، فالرغبات و الشهوات و النواقص و مسببات الشعور بالغنى و الاكتفاء اضافة إلى التصورات حول الكون و الخلق و الاله و القداسة و الحياة و اليومية .. و كل ما يمكن أن يخطر ببال ، لا يعدو كونه سوى فكرة ! و الفكرة بحد ذاتها هي لبنة العقيدة .. و هنا تحديدا يكمن مجال الاحتراف الموسادي في تجنيد العملاء .
يبحث الموساد بدراسته لتفاصيل حياة الشخص المستَهدَف (المراد تجنيده) عن تلك الأرض الخصبة التي ترعى فيها خراف القناعات بما يكفل تشكيل عقيدة لدى ذلك الشخص ، اذ ليست مشكلة المستهدٍف وجود نقطة ضعف فيه ازاء شيء ما ، و انما تكمن المشكلة في جعل حاجاته و نواقصه على قمة هرم القداسة الفكرية ، بحيث العمل لصالح الموساد أهونَ من الموت أو حتى التضحية بالأبناء لأجل القضية المحقّة .. و هو على كل حال ، أمر ليس بسهل .. و هذا ما يجعل (كل شخص على وجه الأرض .. مرشَّحا احتمالياً في حسابات الموساد .. و عميلاً حقيقياً إذا أراد له الموساد ذلك !) إلا أن يكون مستعدا للموت ، هو و ما يعزّ عليه !
على أي حال ، لم يعد الموساد بحاجة الى عملاء صغار يلتقطون صور الأرتال العسكرية العربية على طريق سيناء – مصر ، أو على مشارف الجولان .. فما حاجة الموساد للعملاء الصغار الآن بعدما نجح بتوظيف قادة دولهم ؟! .. العملاء الكبار !
كما أن أحد أهم دواعي استغنائه عن عملائه الصغار هو عدم حاجته لرجل يبثّ النكات في حافلات النقل ، في حين يسيطر أقطابه و رعاته على كافة مداخل و مخارج الحياة العقلية للانسان منذ سبعينيات القرن الماضي ! فهو يملك الإعلام الرسمي ، كما يملك هوليوود ، و لمن يظن أن ثمّة قدرة على اعتراض هذه الارادة فما عليه سوى أن يبحث عن (ميل جيبسون) الذي حصد ما يكفي من جوائز الأوسكار لإثبات ريادته عالم التمثيل و الإخراج ثم تمّ نفيه خارج حدود (الخشبة المقدسة) لما شُمَّ منه من رائحة عداء للساميّة !
كما يملك الأعمدة الإقتصادية الأهم في بنية الجسد الرأسمالي (النظام البنكي ، و أسواق الأوراق المالية) ..
كما يملك البرلمانات الأهم في الدول الأهم ، و بالتالي يمتلك فاترينات مناسبة (و تكاد تكون الوحيدة) لتهريب أي فكرة على شكل قانون ، و تسويقها في أرالي البشر .. أه البشر ! الذين حيثما ولّوا وجوههم فثمّ وجهٌ موسادي ! فلا يمتلكون غير التصفيق ، فهو مناسب جدا لقناعاتهم الجديدة ، تماما كالعرب المذكورين أعلاه .. أصحاب التغريدات الترامبية .. و كيف لهم أن يفكّروا بطريقة أخرى غير هذه ؟ و هم يُصبحون على (تويتر) و يُمسون على (نتفلكس) ! و بذلك يمكن القول ، أن أحد أهم اللفتات الملحوظة على أبناء اسرائيل اللقطاء من العرب هو عدم قدرتهم على الايمان بشيء ! فالقناعات تُهدى إليهم بعد مرورها على صوت المخرج (أكشن) .. و هم كما هم عليه دوما .. لا يعدون كونهم سوى مُستهلِكين .. و مستهلَكين ! و بذلك .. يمكن القول ، أن اسرائيل تمكّنت و بنجاح فائق من استبدال ألف عميل يبث النكات في حافلات النقل ، بمليار عميل و كلب حراسة مدرّب على رصد أي فكرة مضادة لإرادة الموساد سَبر حدود تويتر ! مليار عميل و كلب حراسة مدرّب مستعد لاستبدال ما بعد (تُصبح على و تُمسي على) في عبارات التحية بكلمة اسرائيل الكبرى !
*شاعر وكاتب وناقد كويتي