منتديات

المسكوت عنه في كلام الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون عن لبنان

الدكتور طارق عبود
29/8/2020

المسكوت عنه في كلام الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون عن لبنان

——————— يقول الرئيس ماكرون: ‏”اذا تخلينا عن ⁧‫#لبنان‬⁩ في هذه المنطقة، وتركناه بأي شكل بين الأيادي المشينة للقوى الإقليمية،ستندلع حرب أهلية،وتُهزم هوية لبنان. ان مخاوف النظام الطائفي، مضافة الى المصالح المرتبطة به،قادت الى وضع غيّب أي تجديد سياسي،وصار من شبه المستحيل اجراء أي اصلاح.” يحمل تصريح ماكرون في طياته عددًا من الرسائل والهواجس، هو يريد بداية أن يكرّر ما قاله للأميركيين صراحةً إنّ حصار #لبنان سيدفع به تلقائيًا إلى غير مكان،وكل هذه الأمكنة هي في غير صالح الفرنسيين والغرب. فهو يخاف من أن تدعم #إيران لبنان،وتملأ الفراغ الذي تركه الغرب جراء التهوّر والتعنّت الأميركي. ومن ناحية #تركيا فهو مهجوس من الدور التركي في شرق البحر الأبيض المتوسط،فبعدما خسرت فرنسا #ليبيا والنفط هناك،وهي من دفعت #الناتو إلى إسقاط نظام #القذافي، ها هي #تركيا تأخذ مكان الفرنسيين عبر حلفائها، وتطردهم من مدن النفط الكبرى فيها. وفي #سوريا ساعد الفرنسيون الجماعات المسلحة، وأتوا ببعض قواتهم إلى الأرض السورية، ولكنّ الأتراك أخذوا مكانهم في الشمال والشرق السوري أيضًا،وهم يتواجدون والأميركييون في أماكن النفط السوري. وتعلم المخابرات الفرنسية بالدور المستجد للأتراك في لبنان أيضًا،عبر بعض الجماعات والشخصيات السياسية. هذا من ناحية الدول الإقليمية “الشرسة” أما عن الدول الكبرى،فهو يعلم عاجلًا أم آجلًا أنّ الحصار لن يترك خيارًا للبنانيينإذا تحلوا بالشجاعة- والسواد الأعظم منهم أجبن بكثير من أن يتوجهوا نحو #الصين و #روسيا ،وأنّ مصالحهم مع الغرب تعيقهم من النظر إلى مصلحة الوطن والناس،لأنّه مع #الصين و #روسيا و #إيران و #العراق لا تُوجد سمسرات في المشاريع وفي غيرها.
لذلك هو خائف من هذه الناحية،من أن ينزلق #لبنان من الحضن الفرنسي،ويفقد الموطئ الأخير للمستعمرة الفرنسية القديمة في شرق المتوسط.
من هذه الزاوية يُفهمُ كلام #ماكرون إنّ #لبنان سيفقد هويته،هويته الغربية،السياسية والاقتصادية المدمّرة، وكونه المكان شبه الأخير لتحقيق المصالح الغربية في المنطقة.
أما في الشق الثاني من التصريح، فهو يشرح للجميع أنّ هذا النظام الطائفي الذي أسّسه الفرنسيونوحدّثته #الولايات_المتحدة و #السعودية في الطائف،وسهرت على حمايته #سوريا إلى العام 2005 هو أصبح مشكلةً وعبئًا على #فرنسا وعلى #لبنان،ولكنه يقول في الوقت نفسه إنّ القوى السياسية الطائفية،ومن خلفها بعض المرجعيات الدينية المستفيدة لن تقبل بالمسّ بهذا النظام،وبالتالي التخلي عن مصالحها فيه. لذلك غاب أي إصلاح، أو تجديد في #لبنان.
وأنا أستبعد أنّ الفرنسيين يريدون تغيير النظام الطائفي في #لبنان،هم يسعون فقط إلى الضغط على بعض القوى المسيحية وتخويفها للقبول برؤيتهم التي يحسبون فيها مصلحة للمسيحيين ،عبر تعديلات لا تمسّ بجوهر النظام،بل هي للحفاظ على ما تبقى لهم فيه،وهو كثير جدًا،لأنهم من خلال عناد كثير منهم،ورهانات البعض الآخر ومزايداته،سيفقدون كل امتيازاتهم في المستقبل،وسيذوبون في البحر الديمغرافي الآخر. لأنّ #ماكرون أيضًا يعلم أنّ الواقع الدولي الجديد لا يتيح للكثير مزيدًا من الدلع والغنج الذي كان يُمارس أيام الاستعمار الفرنسي وبعده، وأنّ العالم على مفترق طرق،وأنّ لوحة النظام الدولي برمّته التي هي في طور التشكّل بدأت تفقد لونها الوحيد،لصالح التنوع والشراكة،تزامنًا مع أفول الهيمنة الغربية الأطلسية على العالم، ولكنّ النظام اللبناني أقوى وأكثر صلابةً من تمنيات الرئيس الفرنسي وغيره،لذلك لن يستطيع #ماكرون ولا غيره تغيير شيءٍ في بنية هذا النظام،بانتظار حرب أهلية داخلية جديدة،قد تكون فرصةً لبعض التعديلات،ولكن بعد خسارة مئات الآلاف من الفقراء كما في حرب العام ١٩٧٥ الأخيرة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى