“الشعب المنفي”،” المغني”،” الكرامة” ،باقة قصائد للشاعر عصمت حسّان

الشعب المنفيّ
أقسمتُ أنْ أحكي
بلا خوف
حتى وإن كان الصدى حتفي
ما همَّ لو كان الأسى وطنا
مادمت أحمله
على كتفي
ما أصعبَ الإذلالَ
في بلدٍ
الشعبُ فيه موجّعٌ منفي
إنّي رفعتُ الصوتَ
أوقظهُ
ما كان قربي لم يكن خلفي
أزجلتُ ألفَ حمامة
رجعتْ
مكسورةً تشكو من العسفِ
موسقتُ ألفَ قصيدةٍ
قُتلتْ
ظنوا بكاها بحّةَ العزفِ
شجّرتُ كلّ سنابلي
أملاً
قمّحتُ نبضي أنّةَ الحرفِ
هل كنتُ منذوراً لعاصفةٍ
قد ضاق فيها
منطقُ العصفِ
هل كنتُ ناطوراً لداليةٍ
فاضتْ خموراً
من أسى نزفي
هل كنتُ ،
لا ما كنتُ أعرفني
قصّوا نخيلي
أحرقوا سعفي
هدّوا مدى التاريخ
ذاكرتي
واستبدلوا الآمالَ بالخوفِ
وأردتُ أن أعطي أنا
فرحاً
يا ويلهمْ قاموا إلى قطفي
ورغبتُ أن أبني أنا وطنــاً
يعلو
على التلفيق والضعفِ
راياتهُ كالشمسِ لاهبةٌ
حرّاً أبيّاً
أبيضَ الكفِّ
ما كنتُ أدري الوهمُ يسكنني
والشرُّ مفطورٌ
على العطفِ
والعتمُ لصٌّ صار مقتدراً
يعلو على التعبيرِ
والوصفِ
والفقرُ صار رهينَ أمنيةٍ
مسجونةٍ
في غفوةِ الكشفِ
يا ليتَ لي في الثارِ قافيةٌ
مجنونةٌ
قامت على العُرفِ
كنتُ استحلتُ بحيرةً وسِعتْ
وطلبتُ من ريح الصَّبا
رشفي
وهطلتُ من غيمِ السّنا
مطراً
كاللسعِ يمسحُ جمرةَ الصيفِ
تحتاجُ نارَ الثارِ
يا وطني
شعباً يقوم اليوم للزحفِ
لا يتركُ الأوثانَ واقفةً
أو يتقي الطاعونَ
باللطفِ
أرضُ الكرامة كلها احترقتْ
والكيُّ يبري
والوفا يشــفي
المغني
أيها العاشقُ لحني
ردّ لي
نايَ التمنــي
كي ترى دنياكَ قلبي
وأرى عينيكَ
سجني
كم أنا عتّقتُ
شعري
كي يصيرَ العشقُ دنّي
وتجلّيتُ انهماراً
كي يكونَ الغيثُ مني
خيبَ الآمالَ وهمٌ
حين قالَ الكلُّ عنّـي :
عاشقٌ يختارُ
أفعى
قالتِ التخوينُ فني
كرّستْ قحطاً بحقلي
وارتعاشاتٍ بظنــي
أحرقتْ أشجار روحي
سرّبتْ ريحاً
لحصني
جالستْ إبليسَ كيدٍ
ملأتْ بالشـوكِ حضني
ثم باعتني رخيصاً
واشترتْ عرشاً بحزني
أمتي كانت غرامي
هدّتِ الحلم وأبني
سامها الفجّارُ دهراً
وأنا كالطهرِ غصني
أيها العاشقُ صمتي
واحتراقاتي
وسَجني
قطّعوا الأوتارَ
ظلماً
وافتراءً
وتجني
غير أنّ الصوتَ يبقى
حتى لو ماتَ المغني
الكرامة
داءٌ ومنه الناسُ كم تتوجّعُ
من كلّ أوبئةِ الكوارثِ
أشنعُ
داءٌ يصيبُ التاركينَ
كرامةً
وعلى غثيثِ الحاوياتِ تجمّعوا
ويُصيبُ من هجرَ النفوسَ
ضميرُهـا
فتكالبوا جشعاً
وكيداً أبدعوا
هو في قياس العارفينَ
جريمةٌ
باتت تفرّقُ شملنا لا تجمعُ
تأتي المدائنَ كي تقوّضَ
حلمَهــا
وتروحُ تهدمُ في المنى
وتصدّعُ
داءٌ تسرّب في الحليبِ لكلّـنــا
في المهد
كانتْ تقتنيه المُرضعُ
فنما الصِغارُ على صَغارٍ فادحٍ
وعلى الكبارِ
جنى الأسى والمخدعُ
صرنا نخافُ الظلَّ يأكلُ عمرَنا
وولاتُنا الأخيارُ
جيلاً تقمعُ
هم لقنونا الخوفَ قبل بلوغنا
من سطوةِ الوالي
وحكمٍ يصرعُ
من هيبةِ الشرطيّ يقطعُ كفّنا
ومن المشايخِ
بالوعيد تشرِّعُ
ومن الحكومات التي في
غفلةٍ
كانتْ برزقِ الناس دوماً ترتعُ
ومن الزعامات المؤبّدِ حكمُهــا
لا ترتوي أبداً
وليست تشبعُ
داءٌ تكرَّسَ كي يكرِّسَ
ذلّــنا
لا برءَ منه ولا الدواءُ سينفعُ
هو مثلما ورمٍ خبيثٍ حولَنا
لن ينتهي
والناسُ وهماً تتبــعُ
يحتاجُ كي يُمحى
شرارةَ ثورةٍ
هي في ضمير الثائرين المبضعُ
يحتاجُ شعباً قد صحى لمصيرهِ
وكرامةً
هذي المصائب تردعُ
تحتاج جيلاً لا يهابُ
عصابةً
العزَّ في مهدِ الكرامة يرضعُ
الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه