أبي و المختار / بقلم الشاعر أنور الخطيب
أبي والمختار
كان أبي، يرحمه الله، شقيا
لا يعجبه المختار
ولا يذهب للمسجد يوم الجمعة في آذار
ويفتي: المسجد خالٍ من زهر اللوز
ورائحة الزيتون، وزيت الغار
وخالٍ أكثر
من رجال يلثمون خدود النساء بعد الصلاة
فأبي، كان يحب الله في عليائه؛
في ابتسامة أمي،
عكازة جدي،
وصلاته واقفاً في الحقل،
في دبكة النساء والرجال مساءً
بعيدا، عن شياطين تسكن الأكف
كانت طول شمس النهار تقلّب تربة القلب
تزرع، في أثلامه اخضرار العيونِ
لهذا، اشاع إمام الجامع “أن أبا القاسم مجنون
فاجتنبوه..”
فأحبته السنونو أكثر
كان يحمّلها كل جمعة رسائل لله
وكانت، تعود محملةً بالغيم
بعض هدايا الماء لورد الشفاه،
فأبي، كان شاعراً
يرى أبعدَ من عمامةِ الإمام،
يكتب في صفحة الريح أنشودةً
لهديل الحمام.
وكان أبي، يرحمه الله،
مسكونا بعفاريت الأرض،
يجلس تحت التينة في منفاه
وحين تغيب السنونو كثيراً
أو تعود بلا هدايا
يركل المذياع،
يطلق الرصاص نحو السماء
ولم يغضبِ اللهُ من أبي،
لكنه ذات شتاء
تسلق كي يهدّئ “زينكو” البيت
ويرشو عاصفة رعناء
تساقط خِنصره فلمّه،
وواراه الترابَ وأوصى:
“كلما اسّاقط مني طرفٌ غيّبوه هنا
فالغريب لا يموت دفعةً واحدةً
إنما، يشيخ في صباه
ويخسر، بين كل نشرة أخبارٍ وأختِها
جزءًا من أناه
…..
شاعر و روائي