أدب وفن

عين على الجمال في شعر الهايكو العربي

اللغة العربية هي اللغة المرنة التي تتفوق على ذاتها و على اللغات الأخرى
و بقدرتها على الانفتاح على جميع أنواع الأدب العالمي..
و الهايكو العربي هو وليد هذه الحداثة و هذا الانفتاح و قد برع فيه الكثير من الأدباء و منهم الشاعرة أ. فراشة دمشقية
و التي جعلت من هذه النافذة الأدبية إطلالة على عوالم الجمال
و فيمايلي بعض نصوصها
وما جادت به بصيرتنا في كشف جماليات نصوصها

1
ارتفاع الدولار
الحي خاو
من القطط

فراشة دمشقية

القراءةالانطباعية بقلمي أحمد اسماعيل / سوريا
تصوير عميق بهي وكأنه لوحة سينمائية لا نتوقف معها عن التأمل و الخيال
المقطع الأول كان حدثا إعلاميا هو يحمل الصدمة في مشهديته
فارتفاع الدولار هو أحد أكثر الأشياء سوءا و التي لا يتوقعها الناس في واقعنا الحالي لما يحمله من صدمات
فهو خبر سياسي و إقتصادي له تداعياته على الفرد و الوطن
وهذا ما أرادت شاعرتنا المبدعة أن ترسمه لنا في المقطع الثاني
الحي خاو
وهنا أقحمت الشاعرة عامل الدهشة مرة اخرى
فالحي الخاوي الفارغ هو إشارة إلى انعدام وجود عدة أشياء
أولا الإحساس
وهذا الأمر بفعل تجار الأزمات الذين يرفعون الأسعار
فيقع الضعاف وقليلو المردود في حيرة الصمت الخانق
ماذا سيحضر معدوم الحال وكل شيء يتنفس النار؟
فيحترق بإحساس الألم داخل منزله
ليبتعد عن نظرة البقال والفران وبياع الخضار الذين سيطالبون بدفع ما عليه من دين
هذا هو حالة الصمت الخانق المجازي الذي أرادت إيصاله شاعرتنا المبدعة
طبعا القفلة كانت بساطا مذهلا من الدهشة
فهي لم تقل من البشر
هي وضعت القطط لتصنع مشهد هايكو مغاير مليء بالدهشة
دون أبعاد بشرية ليبقى على أصول الهايكو بعيدا عن الأنسنة
فعندما نسأل أنفسنا لم الحي خال من القطط؟
أو من موائها….
نجد الجواب
الجوع شديد
هي هجرت الحي منذ فترة لأنها لا تجد فيه ما يسد رمقها
وهنا يمكن أن ننظر إلى المشهد بعمق أكبر
فالحي هو صورة مصغرة عن الوطن
بل هو الوطن بعينه
و عند ارتفاع الدولار بشكل متتالي
نجد الشباب يغادرون الوطن
طبعا يمكن لأحدهم ان يسأل لماذا أقحمت في القراءة الشباب
الجواب ببساطة
الشباب ببساطة هو عامل اتزان اي وطن
وبدونه هو خاو
لا صدى لصوته

هذا النص العميق و المدهش جدا مفتوح التأويل نسجته مبدعتنا من حرير حروفها وهي تحاكي واقع وطن

وفي نص آخر نلاحظ عمق الإحساس والتمازج الخلاق مع عناصر الطبيعة حين تقول

2-
حقول اللافندر
أعلى من قرص المغيب
وثبة الحصان

فراشة دمشقية

القراءة الانطباعية للمشهد بقلم الشاعر أحمد اسماعيل /سوريا

حين تتنفس الصورة الشعرية نفسها بين يدي من طوعت الأبجدية نفسها رهن بنانهم نجد أننا نبقى نتأمل سحر و جاذبية تلك الصور الشعرية
قصيرة كانت أم طويلة
وفي أي ميدان من ميادين الشعر
هايكو .. نثر… موزون… إلخ
ومع هذا النص تحلق بنا شاعرتنا بالهايكو
وهي ترسم حركة الطبيعة و ترسم لها أبعادا و جماليات على واقع البشر

اللافندر هو روح الحياة في بروفانس، هكذا يقول سكان و زوار تلك المقاطعة الساحرة جنوب شرق فرنسا،
اللافندر هو زهر الخزامى
وحقول اللافندر تمتد في تلك المقاطعة لأميال حتى يعانق لونها القرمزي زرقة السماء عند خط الأفق
و زهور اللافندر تتفتح براعمها بين شهري حزيران و آب ( أغسطس)
و هنا سينمائية المشهد
فتفتح أزهار اللافندر وهي تعانق السماء بلونها القرمزي يعلو حتى يكون سيد الموقف في السماء
و كأنه يطغى على مشهد الغروب و لونه
و كأن الشفق يتمازج بهذا اللون القرمزي المزهل
مشهد حقول اللافندر مليء بالشاعرية والجمال و الفرح
وطغيانه على مشهد الغروب
هو التفاتة فنية لا تخلو من الإبداع فهنا ارتسامة الفرح
وهو يطغى على مشهد الحزن و الألم

و حتى يكون أجمل و أجمل
تقحم الشاعرة المبدعة مشهد وثبة الحصان لتصنع المفارقة و الدهشة و الجمال
فهنا وثبة الحصان تطغى على جمال حقول اللافندر و على مشهد المغيب
الحصان هو رمز للأصالة في كل شيء
لكن الشاعرة المبدعة أرادت أن تترك أبعادا لهذه المشاهد الثلاثة حين حلقت بعنصر الدهشة الثالث وثبة الحصان
فالوثبة هي قفزة تكون لمسافة بعيدة تبذل بها كل جهدك لتصل إلى هدفك
وهذا يأخذنا لنستشف المعنى
بأنها أرادت ان تكون تلك الوثبة وثبة نوعية تكون كعلامة فارقة
كشيء يغير يغير مسار حياة إنسان
وهنا المبتغى
فتلك الوثبة العالية الأصيلة تسبق كل شيء
لتكون أنت عنوانا للجمال
لتهزم الغروب و الخريف في داخلك
لتكون أنت كما ينبغي أن تكون

نص محلق وباذخ الجمال مليء بالإحساس و الشاعرية والتكثيف و الدقة في التقاط المشهد البسيط من حركة الطبيعة

وهنا لا بد من القول أن اللغة هي الزهرة التي يتزين بها الجسد
والشعر مهما كان نوعه هو جسر تعبر من خلاله الروح إلى عطور مزيجها الدهشة
ترفع القبعة لكل هذا الجمال أ. فراشة دمشقية

الشاعر أحمد اسماعيل /سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى