أدب وفن

ذات صدفة بقلم الشاعر هيثم سعد زيان

ذات صدفة…

سقطت ذاتي في مكبّ النهايات
ترجّلتُ عن حكايات جدي
تأملت ذاتي و ذات النهايات
كيف لي أحمل ذاتا لا تؤمن بعفويتي جسمي
لا تقدّر ظلي ….
لا تستهويها مطبّات فكري …
لا تدرك أن الغد قد مات …
أشيروا علي …
سدّوا كل الوجهات …
لونُ الحرف من لون السماء التي تتوقعني فوق الشبهات…
لا …و رُبَّ لا…
هي الشبهات و لا شيئ سوى الشبهات…
هذي الحروف التي تتسكّع في ذاكرتي شبه حروف
لم يعد بوسعها التكتّل كيما تنجب أسمى الكلمات…
أبجديتي تعاقر عقم القول
تترنّح بين العهر و الطهر…
و وطني يلطم الكفّ بالكفّ..
و شيمة الوطن ألاّ يبكيَ المسميات…
ككل رغيف بريء
أحلم بيد شفافة تدعك طحيني
و لا تدسُّ كومة الشَّعر بين العرَق و الماء
أحلم بسرب الشحرور يلتقط فـُـتاتي
و يطعم النسلَ و يختزل النداء
يرتجف الحرث …
تتنهّـد السنابل…
تربو حكاية الطامحين …
تزهر بين الفينة و الفينة
مواسم الحياة…
ككل رغيف شفّاف
يعتنق عادات الحصّادين
تداعبه شقوق الكف المثخنة بآهات القمح و الشعير…
يتسلّل مذاقه الحُرّ إلى بسمة ناصعة الرجاء…
أريد أن أطعمَ الشمسَ من وحي الخطى المتوهّجة…
أن أسيحَ في شرايين القدر ماء زلالا…
أن أرتّب رموشَ الأرق كي يبدوَ ربيعا آناء الحلم و أطراف المنام…
أريد أن أتوغّل في كنه الأشياء…
أن ألوّن الماء بما تخطّه رعشة الوحل على ريشة الفناء…
أن أضم بقايا الحنين إلى وحم الجنين…
هذا أنا شبهُ وجودٍ قرمزي الفكر
تراودني المتاهات من حيث أدري
أستبيح المسافات الصاخبة…
يتعثّر حرفي عند كل بكاء…
كم أشتهي زبد الشاي الذي يؤرّق حلم الإبريق الأخضر
يتنزّلُ كراهب من نُسكه
يَغيرُ على سهو الكؤوس…
يربِّتُ على سكون الليل
و يعتق الانتشاء …
هذا أنا أشبهني
و أشبه ذات الصدفة العصماء…

الشاعر هيثم سعد زيان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى