أدب وفن

إلى نيكولاس هاروني

إلى نيكولاس هاروني / بقلم الروائي عمر سعيد

لعل موقفك الذي يظهر في المقطع الذي شاهدته بتاريخ 7-11-202 موقف عادي جداً بالنسبة لمن اعتاد عليه من أمثالك.
لكنه بالنسبة لنا كمواطنين اعتدنا على أن كل من حولنا لصوص، إنه أمر شبه خارق.

إن صوت الحق الذي تحمل فيك، يعرينا جميعاً في هذا الوطن.
فما أنبل أن يكشف مثلك عن الله فيه، وأن يفتح في آذان المصغين ثقباً للأمانة والأمل والطمأنينة.

(القصة أني سمعت مقطع فيديو لشخص، يعلن فيه: أنه وجد بعد انفجار المرفأ في شارع الجميزة تحديداً مبلغاً من المال بجانب امرأة، نقلها إلى المشفى، وعندما سلمها المال الذي وجده بجانبها، ويذكر أنه كان مبلغاً كبيراً، صرحت المرأة: أنه ليس لها أيضاً.
فأطلق نيكولاس نداءه عبر فيديو من خلال مواقع التواصل، يبحث فيه عن صاحب المال، ويعبر عن انتظاره له، لاستعادة ماله! )

إن القيم التي في إنسان مثل نيكولاس هاروني، تمنح الرجولة وجهها السليم إنسانياً وحضارياً وقيمياً.
واستخدامي لكلمة حضارياً هنا، لم يأت من زاوية أني أكتب فقط، بل إنه توظيف للمعني العميق لتحضر البشر.
فالبدائية التي تحضر فينا عند مثل هذه المواقف، بكل ما فيها من مغريات وغرائز ونزعة افتراس، واغتصاب للضعفاء، دفعها نقولا عنه تحضّره الإنساني.
ليطل على البشرية بدرس وأمثولة قيمية أخلاقية قل نظيرها في هذا الزمن.

ما بال الناس في وطني لا تعرف الطريق إلى هذا الصنف من البشرية، فتقصد منزله، وتقيم عند بابه، وقد أصرت على توليتها شؤون الوطن؟!

لماذا نستسهل السير إلى بيوت اللصوص مهما كانت المسافة بعيدة، وننعي الوقت والإرادة والقدرة إذا ما علمنا أن صادقاً أمينا نزيها يقيم بيننا؟!

لقد أكدت لنا بفعلتك هذه أنه يمكن أن نلتقي بقديسين أحياء.
وأنه ليس صحيحاً وبتاتاً أن القديسين لا يسكنون إلا الموت والقبور التي تزار.

عزيزي نقولا هاروني
باسمي وباسم كل الذين يقدّرون ما فيك من أمانة، أسبح الله فيك، وفي أمثالك بفعلتك هذه.

وأشهد أن الدنيا لا زالت بألف خير بك، ومعك.
وحي على الفلاح، حي على خير المحبة.

“قد أفلح من زكاها”
الآية 9- سورة الشمس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى