ذاكرة لقطع الوقت…بقلم الكاتب المحامي ماهر عبدالله
ذاكرة لقطع الوقت ..
في ليلة باريسية شديدة البروده ، دعاني صديقي الى العشاء في مطعم تفرّد بتميزه…
انسابت بنا السيارة في شوارع باريس القديمة المرصوفة بحجارة التاريخ. صوت عجلات السياره خلته صوت عربات تجرها خيول نابليون . وصلنا إلى المكان المنشود، وكان عبارة عن مدخل ضيق معد لشواء كل انواع ” الستيك” ،
الصالة في الأسفل، وهي مغارة تحت الارض ، صغيرة المساحه ، يُنزل اليها بدرج حجري ضيق ، وكانت دون أي منفذ ..
شدة الحرارة في الداخل تجبرك على التخلي عن معظم الثياب … لكني ، من شدة الأصوات المرتفعة لمن في الداخل، شعرت أن رأسي اصيب بالتصدع، واحسست لاول مرة برهاب الأماكن المقفلة، فاتخذت القرار بالمغادرة، ووافقني الجميع ، وكنا اربعه ..
أثناء العودة ، سألني صاحبي عن الوجهة التي اريدها فاجبته ممازحا، الى ” الجنة” ، لكنه لم يعلق ..
بعدها توقفت بنا السياره امام محل ملفت ، قرأت على مدخله كلمة ” paradise” ..وكان بالفعل يشبه الجنة … جميع جدرانه عبارة عن شاشات كامله تبث ابدع ما خلق الله من مناظر طبيعيه مدهشه ، فضلا عما اكتنزه الكون من ثمار وفاكهة. وأصبح هذا المحل مقصدا لي كل يوم ..
وانا اتذكر ما رويت ، اتصلت بصديقي الباريسي واعلمته رغبتي بالسفر فأجابني ممازحا : هل اشتقت للجنة ؟؟ فأجبته ، لا ، اريد الذهاب الى المطعم المغارة ، بعدما أدركت ان رهاب الاماكن المقفلة اصبح جنة بالنسبة لي ، نظرا لعيشة الجحيم التي نحياها في هذا البلد القتيل …الذي لا زال معظم شعبه يقبل يد القاتل ..!!!!