أدب وفن

حمزة البشتاوي: الفلسطينيون واليا حلالي ويا مالي

حمزة البشتاوي

الـ يا حلالي ويا مالي، تقال بالموال والزجل والسحجة والدحية الفلسطينية، وهي بدأت بقرية من قرى فلسطين النائمة على كتف جبل من الجبال، حيث كان يعيش هناك رجل غني بقصر وسيع، ومليان خدم وحشم ومونة أشكال وألوان، وحياته مترفة وعنده مال ومواشي وأراضي وذهب وفضة وألماس ولولو ومرجان، وبعيد عن الناس لا يسأل عنهم ولا عن أحوالهم.

وفي تلك الأيام، كانت أحوال الناس صعبة وكانوا معتمدين على الزراعة وتربية المواشي وما تعطيه الأرض والمواشي من حبوب ولحم وحليب وأجبان وألبان. وفي سنة من السنين ربنا سبحانه وتعالى ابتلى البلاد بقلة الأمطار، فجفت الآبار ويبس الزرع وتغيرت الأحوال، والبساتين تحولت من خضرا إلى يابسة وجاعت الناس وانتشرت الأمراض وخلصت المونة وتغيرت الأحوال ويحكى أنه في تلك الأيام ذهبت مجموعة من الناس إلى قصر هذا الرجل الغني، وعندما اقتربوا من القصر رأوا شخص يجلس تحت الشباك يقول ميجانا بصوت قوي وحزين وصاحب القصر متوتر والحراس يحاولون طرده ولما سألوه لماذا تقول ميجانا وماذا تعني بهذا الكلام فقال: أن المعنى هو ياماجنى يعني ما أكثر ما ظلم هذا الإقطاعي وأنا لست حزيناً على فقدان الحبيبة وإنما على حال هذا الإقطاعي الذي ليس لديه قلب أو وجدان وتارك جاره جوعان، وعندما طلب الناس من صاحب هذا القصر يتحنن عليهن ويشفق على حالهن ويعطيهن شيء من الذي الله رزقه اياه، وخاصة طعام لحتى ياكلوا رفض، ولم ينظر إليهم وإلى أحوالهن ، كما أن هذا الرجل منذ أول الفجر خرج مع خدمه وحاشيته ليتفقد حلاله (يعني المواشي يلي عندو) بين بيادر وحقول القرية في التلال والوديان، وفجأة طلع بوجهه شباب مجهولين وأمسكوه هو وخدمه وحاشيته وربطوهم عند شجرة قرب عين الماء، ولما تأخر بالعودة إلى قصره ظهر شباب آخرين وأيضاً غير معروفين وذهبوا إلى القصر وأخذوا كل شي فيه من طعام ومال وأغراض وقاموا بتوزعيهم على الناس. وبعد ما وزعوا كل شي عاد صاحب القصر إلى قصره بعد أن كانت قافلة قد مرت قرب المكان الذي كان مربوط فيه وفكوه وقال أحدهم بصوت عالي: (ابن الأصل لو طعميتوا خبز حاف بيصون وقليل الأصل لو طعميتوا لحم الكتاف بيخون) واقترب أيضاً إثنان من الذين كانوا بالقافلة وقالوا أطلقوا سراحه (دنيا ما عليها عتب فيها المصدي وفيها الذهب) وبعد أن أطلقوه مع خدمه وحاشيته، دخل إلى قصره وصدم عندما رأى قصره فارغاً من كل شيء وراح يضرب كف بكف ويقول:

 يا حلالي وخدمه وحاشيته يرددون من ورائه ويضربون كف بكف يا حلالي، ثم اكتشف ان كل أمواله أخذت فقال: يا مالي والخدم والحاشية أصبحوا يرددون يا حلالي ويا مالي.

ومنذ ذلك الوقت أصبحت تلك الردية تقال بالموال والزجل الفلسطيني، وتغنى بالأفراح والأعراس وغيرها من المناسبات، لتكون عبرة للبخلاء والمستكبرين الذين لا يهتمون بأحوال الناس.

وما زالت اليا حلالي ويا مالي تقال بالأوف والعتابا والموال عن الناس والبلاد ومنها:

والله بلادي ما في منا قلبي بهواها تغنى

فيها الزعتر والحنة فلسطين أحلى الأوطان

يا حلالي ويا مالي

القدس الحلوة ما أحلاها الطير بيعشق سماها

فيها الأقصى ونتباهى مسرى نبينا العدنان

يا حلالي ويا مالي

والكنافة نابلسية بالسمنة البلدية

هادي أجمل هدية بنقدمها للأحباب

يا حلالي ويا مالي

بغزة عطر الجوافة يعشقها كل من شافا

لما تطل بأوصافا السمك بيطلع ولهان

يا حلالي ويا مالي

وداري والحسون فيها يتعلم غناويها

يا غزلان البر شوفي هالخير بروابيها

أبو نملة الموز الريحاوي غنوا بإسمو غناوي

الغار بيحكي حكاوي عن طوباس وعن بيسان

يا حلالي ويا مالي

يا خيل الفرسان ميلي ودوسي الدرب الطويله

ومحلى المروج الخضرة في النقب والجليل

عكا لونك أجمل لون إنتِ درة بهادا الكون

يلي كسرتي نابليون والله ما يوم بتنهان

يا حلالي ويا مالي

كاتب وإعلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى