أدب وفن
“لكي ترفع رأس المئذنة”بقلم العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة

قصائد رثاءمهداة لروح الراحل الكبير بلال شرارة
لكي ترفع رأس المئذنة
- 1 –
الوقت قد يكون الصبح
وأنت بظلالك كلها
روح الجنوب
وزنبقة تلّوح صوب الصمت
والصمت على حدود الورد
من عطر أوسمة القسم
فيه عرفتك
كأنه عطر المطر
وكأنه عطر الألم
يشكو من وجع الأيام
ويصغي من خلف الأسوار
هو أنت
تليق بنهر لا يموت - 2 –
صلّى بلال
تاركاً في سجدة الروح
سرب الغمام
وقام
لكي يرفع رأس المئذنة
لو قطرة من حزنها
سالت على جبل
لرأيتها في نقطة النون
ينمو فوقها الشجر
يضوي تحتها القمر - 3 –
رحماك
وقد خلت المودة
وشحّ ماء الوجه
وانطوت في ليلها تلك البذور
ليس لي في معزف القمح قمحك
وما زال يكويني الوريد
والندى في بيتنا العربي
أضرمته الثارات والأحقاد
بالقطع والقطيعة
والأرض قفراء
والأرض جديبة
أين السنابل والتكايا
والآماني
وتعاويذ الصبايا
وأناشيد الصغار
أين البلد
والغرباء
والغربية
والتسابيح الندّية
والتلاوات الشجيّة - 4-
حفظت عنك
يا الرافضي الوفي
لم يأكل من لحم الحبيبة
كيف يجنّ الجمر في آباريق السهاد
كيف تكرّر النار سفر الرماد
وكيف أشعلت الجسد الشهيد
على مرأى القبور
بلدغة الشعر
في عواصمنا السليبة - 5 –
وكنت على كثرتك فرداً
ثم صرت وحدك
الحزن المغرّد خارج الأسوار
وخارج الحزن المكبّل بالقشور
كما لو أنك القلب الفصيح
تصيح
في زيتونة تنحني
بحبّات قناديلها
للوطن البعيد - 6 –
لكأنّ فيك دم التاريخ
يورّث الأحفاد والأطفال
سورة الكوثر
فتمنحهم تأشيرة الدخول
إلى معبدك السرّي
من أبد إلى أبد
إلى وقيد قدّ من قمر
فاستوى في حجر
من فلسطين
وأوصاني التعب
فاستوى في زهرة بيضاء
تحتفي بيوم الأرض
رغم ضجيج الخوف
في دمي
وفِي فمي - 7 –
رنّت الذكرى
تشابه الفصح بالفصحى
ومشى بلال باتجاه الكعبة السمراء
ومشى باتجاه قلبه
يلبس كوفية الطفل العنيد
وتقول لشقائق النعمان
ان تراوده ليوم آخر سوف يأتي
وأنت في مآقيه
تنتظر الآذان - 8 –
أسرجت خيلك
يا فاسح اللغة والبيان
نحو جلجلة الصليب
وتقول قم فاسقني
جرحاً بعد جرح
فيهيم على شفتيك النغم
ثم تركض في عراء الأرض
نحو الينابيع الأخيرة
لتموت مع الأمل الحزين
فمن عساك تكون
ومن علمك
فك الحرف وفضّ الأسرار
فاختلط الماء بالماء
يا عائداً مثل الهلال
لترّج باللغة الأنثى
عروق المثنوي
ثم تمشي في جلال
كي تسرج المصباح والمعنى
هذا أنا
وتحطم بالحب ما لا ينحطم - 9 –
يا لاهب الجرح
من والد إلى ولد
ما زال ينقصني سؤال
لكي تكسر الموت بالقصيدة
وينتشي بكلتا يديك الغدير
وتوافيك القيامة
ماذا لو
تشاكت إليك طماح القدس
ومددت للأقصى عباءة
كيف لي
وليس في مطافات حزني
سوى ما نفخت في غصون الخزامى
من عبير
كلمّا همّ فجر
وهمّ به واديك
وأبصرت السماء
تتمّ بهدي الأم وعدك
ألفيتني
ألفيته كشف التاريخ إسمك - 10 –
بيني وبينك مستورة
في نزلة القمر
وأقصد بنت جبيل
وقد هدأ المساء
على قمر يرّتل حزنه أرقا
أزف العمر
أغضّ الطرف سيدتي
شبً حنّاء الدم في الأزهار
يليق بطهرك
من رفعوا لنا كتاب العشق
يا أم الولد
والعاشق الصوفي
على باب فاطمة
يدق بالأحزان
أجراس الغارقين على وطن
لا تقولي
انّ الفصول انتهت
وانّ البلاد تغير أسماءها
ما همك
يا ليت فصلك يبدأ الآن
ليرفع الصوت
يندّد بظلماء السياسة
وبما تراكب في الدين ضد الدين
فلا الشعب أراد الحياة
ولا القيد المقيّد
في طوائفنا انكسر
