عَبَق…/ أدب / الدكتورة الشاعرة ناديا حماد
عَبَق
في بيتنا القديم
المعروض للبيع
تخلّصتْ أمي من
موجوداتٍ كثيرة
باعتبارها
باتت من الماضي
البعيد..
من بينها
خربشاتي الأدبيّة
و مجلّاتي
دفتر مذكراتي
كتبي المدرسية
دفاتر الإنشاء
التي كنت أعتز بها
رمَت أمّي أيضا
كلَّ
أنتيكات الايديولوجيا
وملحقاتها في
الحاوية القريبة
لم أعثرْ هناك
إلا على لوحةٍ
خشبيّة صغيرة
معلّقة بمسمارٍ
صَدِىء
مَنسيّة على الجدار
غطّاها الغبار
مرسومٌ عليها
وجه الثائر
تشي غيفارا
كنتُ أحبُّ اللوحة
وكانت تعني
لي الكثير ..
عادت بي الذاكرة
لآخر زيارةٍ لي
إلى لندن
انتابني وقتَها
حزنٌ وغضب
حين رأيتُهم
يقدّمون في المقاهي
نوعا من البيرة
تحملُ رسمَ غيفارا
وهالني أن أرى
على قمصانهم المثيرة
صورةَ تشي
بسيجاره
الكوبي الشهير
و كذا على فناجين
قهوتهم
يُرمّزونَهُ
لكلِّ ماهو سطحي
و مُستهلَكٌ
وغير جدي ..
يعيدون اغتيالَه
يقتلون كلَّ
ماهو محترم
في ذاكرةِ الشعوب
غالباً ماتحمل الريحُ
خيوطَ دخانٍ
بعَبَق سيجار
الهافانا
فتنتشي عصافيرُ
الجنوب
يتماهى العبق في
حضن غيمة ماطرة
حدودها العالم
….