أدب وفن

مجموعة قصائد و نصوص إبداعية للشاعرة حنان شبيب

نقشٌ على باب الجرح

سمعتُ ذات مساء
أن الحرباء
ارتدت لون الضياء
وتسلقت الجدران
وسمعت أن
الريح ستعوي
إلى أن تأوي الضباع والغربان
ستحمل الكثبان
إلى أودية الضباب

وتناهى إلى سمعي

أن الشقائق في حقول الربيع
راحت تبحث عن نعمانها
فاغتسلت بالسواد

كثيرة هي الأشياء التي تغيرت
في موسم تناسل البهتان
والطغيان
وكان يا ما كان!
وما كان يكون
وكلنا في ضمير الغيب كان!
فلا يهربنّ أحدٌ من (كانِهِ) ماضيه
وإلا سيكون بلا أفق، ويموت مغتالاً نفسه على باب (السين)!

عندما تنهشنا الغربة المتوحشة متعددة الرؤوس، لا بد من قلم يرتفع صوته، ويسيل لعابه .
منذ مدة أنا وهو في مواجهة قاسية يدعوني للكتابة
فأمتنع!
جلس على قارعة قلبي وظل يراودني عن عزلتي حتى أوقعني في جب الخطيئة؛
خطيئة الكتابة في زمن لملمة رفات أجنة الأحلام.
أقنعني بأن أحرقها وأذرو رمادها على رؤوس التلال وفي أحضان الأودية!!
ستنبت بكثافة وتحاصر اليباب..هكذا قال!
عندما تكبلنا المآسي نبحث عن سبيل للعروج
وجنة.
وكان هذا العروج الأليم على جرح..
الألم دائما يرتدي جبة الفلسفة ويناولنا حبة الحكمة.

جرحٌ يثور وهذا الحبُّ بركانُ

لأن الحبَّ أوردةٌ
تمدُّ الروحَ
بالأنباضِ كي تحيا
وشريانُ

جمالٌ في ربيعِ الأرضِ
قد شبّتْ
مفاتنُهُ يقودُ الكونَ
نيسانُ

بورداتٍ لنا تصحو
على عطرٍ
يهدهدُ سرَّها فجرٌ و(إحسانُ)

كمِ اشتاقتْ عيونُ الريح زهراتٍ
تهيمُ بعطرها الخلاقِ أكوانُ

نسائمُها محملةٌ بقطرِ ندى
وتحكيها أساطيرٌ و ألحانُ

تُقبّلُ سورَ منزلِنا تقبّلُهُ
ويحملُني على الأكتافِ رَيْحانُ

يردُّ صدًى بوديانٍ يشقُّ الصمتَ
في الأنحاءِ أحبابٌ وفنجانُ

سنابلُ في جبينِ المجدِ بصمتُها
وطربوشٌ وسيماءٌ وتَحنانُ

وماذا بعد؟

بيادرُ من نعيمِ الحبّ حِنطتُها
وخرّوبٌ يؤوبُ على
موائدِنا
بطعمِ الدفءِ
يعمرُها
يلوذُ بها
أصيْحابٌ وجيرانُ

أُصيخُ إلى حديثِ البيرِ
يرشقُني بقطراتٍ
من السلوى
تسيلُ من المزاريبِ
التي تهذي
بدفقٍ من مياه الغيمِ
يدعوها ضحَى
‏الأيامِ (لزانُ)

توشوشني
بناتُ الصمتِ
بالأخبار تأتيني
حكايا من صميمِ
الوجدِ
تُرشدُني إلى الموالِ حيطانُ
….
وعند الصيرةِ الخضراءِ
ترمقني مناحلُ في ربيع العمر صُنّاها
وصانتنا وتدعوني لكرمتها!
أتعرفني؟
فكم من مرةٍ شهِدَتْ
هروبًا من
جنونِ النحلِ في أوقاتِ ثورته
قطافُ الشهدِ يشعلُها
ويطفئها أبٌ في اللّطْفِ ميزانُ

وزيتونٌ يرافقني ويخبرني
بأن التوتَ قد خرجت جنازتُه
وشيّعهُ ترابُ الأرضِ
كفّنه حريرٌ من فراشاتٍ
لها في العمقِ أسرارٌ
وفي الأحداق
‏إعلانُ

عراةً بات أهلوهُ
جبالٌ تسكبُ الآهاتِ
تحضنها جذورُ الأرزِ
‏ تخرجُ من مياهِ البحرِ
‏حوريةْ
‏تزنر خصرَ لبنانٍ
بأقواسٍ من الرحمنِ مهديةْ
بسطرٍ من كتاب الغيمِ
تحملهُ أكفُّ الريحِ
تزهو فيه أعنابٌ ورمانُ

يفيض النهر في الوديان
يرويها
تحيّيه التلالُ على جوانبها
يبوح الشيحُ والصفصافُ والليمونُ
بالسر المقدس،
في بيوتِ الريحِ
عُنوانُ

فجَدُّ الغابِ لا ينسى
ولا يفنى
وظَهرًا قطُّ ما أحنى
تحلقَ حوله التاريخُ
يروي العزمَ سِنْدانُ( سنديان)

وحيث يكون بلوطٌ
يعمّ الحبُّ أرواحًا
وأبدانًا
‏وأطيارًا وأشجارًا
ويلقي الأمنَ في الأنفاسِ
رحمنُ

أحاديثٌ كمثل الحُلْمِ
تحملني إلى أسفارِ أغنيةٍ
تردُّ الروحَ في قلمي
وفي بدني
فيسكنُ فيّ بركانُ
ويحضر فيّ لبنانُ
وورداتٌ و(إحسانُ)

لرأسنحاش يغمرني حنينُ
الأرضِ يُنبِتُ فيّ أجنحةً
أطيرُ على
حوافّ الصمتِ أقطفُ بعض أحلامي
التي خبأتها في نافذاتِ العيدِ
حيث فتائلُ مِنْ صميمِ العشقِ شعلتُها
وأذكارٌ وقرآنُ.

وفي رمضانَ تحضرني طقوسُ
السحْرِ في السحَرِ
وليل النور في الظُلمِ
و(قَمْر ُالدينِ) بهجتُنا
وطبليةْ
لها وجهٌ سماويٌّ
وحِنيّةْ
أحدث عنها أولادي
ولا أشبع
متى أشبع؟

إلى أن يستعيدَ الوعيَ وعيَ الطينِ إنسانُ

لكي نحيا براءتَنا براءةَ خلقنا الأول!

سلام إلى أختي إحسان التي كانت تغريني بورداتها وتوقظ حنيني.. وإلى الأستاذ نظام حمود الذي أمدني بصورٍ لرأس نحاش ومحيطها.. والشكر لأبي محمد الذي لعب على الصوت والحرف والصورة… فكان هذا العمل المتحرك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى