شباب القدس أبعد من الصورة
شباب القدس أبعد من الصورة
يشكل فعل المقاومة والإنتفاضة والإشتباك الشبابي والشعبي مع الإحتلال جزءاً من الحياة اليومية الفلسطينية وفي مشاهد ولقطات عفوية لشباب القدس المشتبك دوماً مع الإحتلال دفاعاً عن القدس وما تحمله من قداسة المبنى والمعنى ظهرت صور مليئة بالصدق والكبرياء تضاهي بجرأتها وجماليتها أقوى المشاهد واللقطات السينمائية كما برزت خلال المواجهات الكثير من الصور للشباب المقدسي المكلل بالزيتون والورد والسنديان لعل من أبرزها صورة الشاب المقدسي بشار شويكي بملامح وجهه التي تحلت بالقوة والعنفوان إضافة للكثير من اللقطات التي تحدثت بلغة الصورة عن بطولة الشعب الفلسطيني رغم الوجع والخذلان، وبعيداً عن سؤال اللحظة حول تغطية بعض القنوات العربية لما يجري في القدس وغياب عدد كبير منها عن مواكبة ومحاكاة ما يجري فإن السؤال البعيد المدى الذي يمكن طرحه هو أين هي السينما الفلسطينية اليوم من الحكاية والقضية وابطالها الشباب والشهداء والأسرى والمعاناة والصراع وهل غياب السينما الفلسطينية اليوم مرتبط بغياب الدعم والمؤسسات أما أن الأزمة عميقة ومستمرة منذ رحيل رائد السينما الفلسطينية إبراهيم حسن سرحان الذي ولد في يافا عام 1915 وصور أول فيلم عام 1935 وأنشأ أول استديو للسينما عام 1945 ثم عاش بعد النكبة عذابات الغربة والتشريد والعوز الشديد ليعمل في مجال جمع الخردة والحديد والسنكرية حتى وفاته في تجمع الداعوق للاجئين الفلسطينيين في صبرا عام 1987.
وأين هي السينما الفلسطينية مما بدأته في العام 1980 مع فيلم (الذاكرة الخصبة) للمخرج ميشيل خليفي وكيف يمكن لها أن تقوم بدورها كأداة فنية بالغة الأهمية والقدرة على نقل الواقع والتأثير في عالم اليوم وتقدم شباب القدس الذين يعطون فرصاً للواقع والخيال والإلهام بشكل يليق بجرأتهم وشجاعتهم وإصرارهم على نقل الرسالة الفلسطينية الواضحة إلى العالم مع كثير من صور البطولة وقليل من المواد التاريخية الجافة لأن ما نراه اليوم من شباب القدس هو كتابة للتاريخ من خلال الصورة المعبرة عن حكاية وحقوق شعب ويقولون للعالم بأن هناك شعب يمكن رؤية بالعين المجردة في لحظة الحقيقة المرفوعة دوماً على ما يقدمه الشباب الفلسطيني من نموذج عالي للصبر والإقدام والتضحيات.
حمزة البشتاوي
كاتب وإعلامي