أدب وفن

“الحرية” إبتهال” زقزقة” مجموعة قصائد للشاعر عصمت حسّان

الحرية

وفي كلّ صبحٍ
ستولدُ شمسٌ
وتنهضُ زهرهْ
ويخرجُ للكونِ شعرٌ جديدٌ
ويجعلُ تاجَ الحروفِ
مجرَّهْ

ويُسكبُ نهرٌ بكأسِ
العوافي
وتومضُ فكرهْ

وفي كلِّ صبحٍ يموتُ
ظلامٌ
ونركضُ نحو نهارٍ وليدٍ
لنحضنَ فجرَهْ

ويقفزُ نحو الشفاهِ كلامٌ
نبيذٌ من الشوقِ
يشربُ خمرَهْ

ومن درفة النورِ يطلعُ شعبٌ
ليكسرَ قيداً
ويمنعَ أسْـرَهْ

ويسقطُ دلوُ الحياةِ
ببئرٍ
ليرشـدَ نحـوَ العذاباتِ بئرَهْ

كأنّ الترابَ الذي كانَ ترْباً
تحوّل تِبْرا

كأنّ المياهَ التي في السواقي
تُحلقُ نحو السطورِ
وتشدو
وتصبحُ حبرا

أظنُّ الشعوبَ التي لا تبالي
وتسكنُ كوخَ المذلةِ دهرا

وليستْ تفرّقُ بين
الطغاةِ
ولا بينَ رومِ الفسادِ
وكسرى

ستبقى عبيداً
لإفكِ الزمانِ
وكلُّ بنيها يصيرون أسرى

لماذا أرى الناس ترضى
هواناً
وقد شاءها الله تولدُ حرّهْ


ابتهال

من كثرة القهر
صرتُ الدمعَ أرتجـلُ
وصار شِعري على الخدينِ ينهمـلُ

أجولُ في أرضنا الخرساء
مكتئباً
لا صوتَ يعلو
فقم يا حبرُ نبتهـلُ

همْ جرّدوها من الأحلامِ فانكسرتْ
وقُطّعـتْ نحوها الآمالُ والسبلُ

وقيّدوا الناسَ بالأرزاقِ
فانبطحوا
خلف الثعابينِ يخفي سمَّها العسـلُ

ما مرّ في الكونِ حكمٌ جائرٌ عفِنٌ
كما نرى اليومَ
أو قَبِلتْ له الدولُ

فالفاسدونَ نراهمْ
حلَّ نكبتنا
والسارقونَ نقولُ البرءُ والأملُ

والحاكمونَ وقد كادوا
وقد فتكوا
لآخر الدهرِ في أوجاعنا نزلوا

هم يقضمونَ حقول الخيرِ يا وطني
لا يتّقونَ
ولا عيبٌ
ولا وجلُ

والناسُ جاعتْ وشبّانٌ لنا طفشتْ
في كلّ أرضٍ
كأنْ في غربةٍ بدلُ

والشاعرونَ بلا شعرٍ
منابرهمْ
ما عاد فيها -إذا ما غردوا – غزلُ

ماعاد في الحرف جدوى
أيُّ بوصلةٍ
فصيحُنا اعتلَّ
والمحكيُّ
والزجلُ

والشعرُ لو ما مضى كالسيفِ
مُمتّشـقاً
ففيه حتماً يكون الرخصُ والهبلُ

نحاولُ اليوم يا أحبابنا لغةً
فيها الكرابيجُ
فيها السـوطُ
والمُثُلُ

نحاولُ القولَ إنَ الناسَ
قد تعبتْ
وحانَ نخرجُ سيّافينَ نقتتلُ

ونرجمُ الظلمَ لا نبقي على أحدٍ
من طغمةِ الشـرّ
قولَ الحقّ يبتذلُ

ونصفعُ الفاسدَ المعروفَ
نخلعهُ
عن عرشِنا الهشّ
لو بالدمّ نغتسلُ

أحرارَ كنّا فلمْ نقبلْ
بأوبئةٍ
سادتْ علينا وفيها الزورُ والعللُ

قوموا إذاً حرّرِوا الإنسانَ من زمرٍ
لا خير فيهمْ
ووجهَ الطهرِ تنتحلُ

قوموا اضربوا الفاسد المختلَ
أحذيةً
كي لا يظلَ قلوبَ الناس ينتعلُ

قوموا اكسروا القيدَ
هذي الأرضُ سيدةٌ
تحتاجُ ينهضُ
من عشاقها رجلُ


زقزقة

أفتّشُ في انكسار السطر عني
وفي القاموسِ
في حبر التمنّــي

وفي حرفٍ تراكمَ
فوق حرفٍ
وفي أوتارِ حنجرتي
ولحني

وفي سرّ الفواصلِ عند بوحي
وفي الأقلامِ
أسقيها بِدنّي

كأنّي قبلَ قافيتينِ
أعدو
وعند إشارة استفهامِ أحني

وحين أصير ظلاً قيدَ خطوٍ
أنادي النهرَ
يا خلّي أعنّي

كمثل النهرِ أقدامي
خريرٌ
ويسعى الماءُ أن يحظى
بغصني

وللعصفور في أيكي حضورٌ
وزقزقةٌ
تكادُ تصير فنّي

وللريحِ العتيةِ في قميصي
ذئابُ البئرِ
تقتاتُ التجنّـي

أنا الحطابُ أشجاري
هشيمٌ
وفأسي يسلبُ الأشواقَ مني

وأرضي ورْقةٌ
شعري نزيفٌ
وقلبي طائرٌ
والكونُ سجني

وهمْ حطّوا المخالبَ في عروقي
وأردوني
على أسوارِ حزني

فلا كانوا ولا كانت بلادٌ
ولا كان الصدى صمتَ المغني


الشاعر عصمت حسّان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى