“خمّارة الإثم”الكأس”القيود” باقة قصائد بقلم الشاعر عصمت حسّان
خمّارة الإثم
خمارة الاثمِ صمتُ الحبرِ
في القلمِ
وأن يُراقَ دمُ العنقودِ في النغـمِ
وأن يُساقَ قطيعٌ نحوَ
مذبحـةٍ
ليحكمَ الذئبُ في تغريبة الغنمِ
وأنْ يكرّسَ حكمٌ في تعنّتهِ
موتَ الشعوبِ
ودفعَ الناس للعدمِ
كأنّما الفاسدَ المعروفَ يعرفنا
نمارسُ الصمتَ
بينَ الحُرمِ والحَرَمِ
نحني الرؤوسَ لكي يعلو ويركبَـنا
وكم سيلهو
إذا نشكو من السّقمِ
الحكامُ في كلّ البلادِ خوادمٌ
للآمنينَ
وصرنا أتعسَ الخدمِ
فكلُّ مسخٍ زعيمٌ في عصابتهِ
وعبدُ قرشٍ
لكلّ الرومِ والعجمِ
وكلُّ وحشٍ أناب الشعبُ
نائبةٌ
من أسفل القاعِ
حتى شاهقِ الهرمِ
لا يأبهونَ إذا جعنا
فهم شبعوا
أو يسمعونَ أنينَ القهر والألمِ
هم حاكمون بأمرِ الجهلِ
قدرتهمْ
أنّا شعوبٌ تظنُّ المجدَ في العلَـمِ
همْ مزّقوهُ وحاكوا ألفَ ساريةٍ
صارتْ مداساً
لعهرِ الظالمِ القزمِ
خمارة الإثمِ أنّ الناسَ
تثملها
كنتمْ وتبقونَ خيرَ الناس والأممِ
الكأس
الإنسانُ لو عافَ النشيدَ يمـــوءُ
ويصيرُ من حملِ الهموم
ينــوءُ
هو خلطةٌ سحريةٌ
سريةٌ
الخيرُ فيها
والأسى
والسّوءُ
هو ألف مخلوقٍ
تجمّعَ واحداً
مذْ كان طيناً
يعتريهِ نشــوءُ
يختالُ طاووساً
بطبعِ نعامةٍ
يدعوهُ نحو المعجزاتِ لجـوءُ
يدري السبيل إلى الحياةِ
يخونها
هو في الطباعِ مظلَّلٌ وقميءُ
كم صاغ آلهةً
وكان يسوسها
واليومَ عبدٌ بالشقا موبــوءُ
هو كتلةٌ عدميةٌ همجيةٌ
قبل اشتباهِ الحَلقِ
كان يضيءُ
سيّان يمشي في العراء متوّجاً
أو ينحني
ويثيرهُ التشييءُ
قد كان قبلَ الأرضِ حلمَ يباسها
ما كانَ يكملُ مجدَها
المجزوءُ
هو بعضُ تربتها الحرونُ
وكلُّها
يعلو ويمشي فوقها الموطوءُ
صلّى لشمسِ الكونِ
خشيةَ جمرها
صلى لبدرٍ ، والإلهُ خبيءُ
حتى استقام الكونُ
بعد تمرّدٍ
ورأى الأبالسَ بالسراب تبوءُ
فأرادَ سلطنةَ القفارِ
وكانَها
وأراد نهرا كي يجوزَ وضوءُ
ورأى الفراديس العليّةَ
فتنةً
والكونُ كأسٌ فارغٌ مملوءُ
القيود
هل يا ترى يوماً نعودُ
ويملأُ الساحاتِ عشّاقٌ
وتحمرُّ القصائدُ والخــدودُ
هل ينقرُ العصفورُ كفَّ الشمسِ
يُحرجُها
لكي تزهو الحدائقُ والورودُ
هل تدركُ الأرضُ التي جُرحتْ
من الإنسانِ
والشكوى
بأنّ خضارَها الأمُّ الولودُ
يا سيدي الانسان
كان الحبُّ بلسمَنـا
ودفءَ الكونِ
وانتصرَ الجليدُ
يا سيدي الانسـانُ هذي الأرضُ
عاقرةٌ
وماءُ النهرِ منبوذٌ
ووجهتنا الصدودُ
ما عاد تحضننا النسائمُ
كالصغارِ
وتلثمُ الرمشَ الموشّحَ بالكرى
وتروحُ عطشى للنبيذِ بثغرنا
كيما تعودُ
ما عاد حقلُ الوجدِ يرفلُ
بالعناقِ
ويطلبُ العطرَ الخلودُ
ما عاد فينا طاقةٌ للحبّ
قد يبستْ أضالعُنا وأعيانا
الجحـودُ
هل كان هذا القفرُ مسعانا
وهذا الفقرُ خاتمةُ المطافِ
وهل تحقّقَ ما نريدُ
يا سيدي الإنسـانُ
حطّمتَ المحبةَ
باشتباهِ الوصلِ
أغرقت الهواءَ بفكرة الاسمنتِ
فانتحبَ الوجـودُ
يا سيدي الإنسانُ
صار الوهمُ صنعتَنـا
وصارَ العتمُ كعبتنـا
فقمْ من نكبةِ الأحلامِ
أعياكَ السجودُ
يا سيدي
لوّح بكفّكَ للجبالِ العالياتِ تهزّها
واصرخْ بصمتكَ كي تفيقَ
تكادُ تبكيكَ القيودُ
الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه