“فجر السّنا “المجد “راية الذل” مجموعة قصائد للشاعر عصمت حسّان
فجر السّنا
مالتْ على صوتِ الأنينِ خصورُ
وتحكّمَ المقرود
والموتــورُ
والسارقون الناس صاروا
حاكماً
والأرضُ من صفْعِ الفساد تدورُ
والبلبل الولهانُ صار مهاجراً
والوردُ
والريحانُ
والعصفورُ
هذي البيوتُ البائساتُ
قبورنا
قل لي إذاً ما يفعل المقبورُ !
قصّوا الطريق إلى الحياةِ بمخلبٍ
واستكلبَ الشيطانُ والمغرورُ
والناسُ صارتْ للفراغِ رهينةً
وتسلطَ النشّالُ
والمخمورُ
لبنانُ بات على الصليب معلقاً
ومعذباً
والكونُ غافٍ
والشهادةُ زورُ
وجميع من طلبَ الحياةَ
مقيّدٌ
لجميعِ أوبئة الأسى منذورُ
ربطوا الجميع بـ “جزرةٍ”
مكّارةٍ
والحبلُ حول رقابنا مكرورُ
أينَ الرجالُ
وأين أينَ كرامةٍ
ديستْ
وأينَ الثائرُ المغدورُ
كنّا خرجنا ثورةً
هدّارةً
والناسُ إنْ فسدَ الضمير تثورُ
لكنهمْ سرقوا الحناجرَ
فجأةً
قصّوا الرقابَ وكلنا منحورُ
هل تسمعون الماءَ
يشهقُ غصةً
والغصنُ أنكرَ صمته اليخضورُ
واليوم نحتاج الجميعَ
مقاتلاً
سيُهدُّ لو شئنا النجاةَ السّـورُ
هذي البلاد يتيمةٌ
أنتمْ لها
فجرُ السّنا المنصورُ
المجد
المجدُ للقمحِ
للزيتون
للعنبِ
لبحّة الناي في ترنيمةِ الطربِ
لدمعة النهرِ
حين الأرض قاحلةٌ
ويسكنُ الخصبِ في تكشيرة الرُّطَبِ
للواقفين على سكّـين غربتهم
مثل العصافير
تهدي الريشَ للقصبِ
للحالمين غداً شمسٌ
وسنبلةٌ
وأبشعُ العتم هذا الواقع العربي
عصرُ الكوابيسِ
حين الناس راقدةٌ
على سريرٍ من الجمراتِ والحطبِ
تأبّدَ الحلمُ في زنزانةٍ بُنِيتْ
فوق الطواحينِ
لا دربٌ إلى الهربِ
سِـيقوا كما الشّاةِ نحو الذبحِ
صاغرةً
وأقنعوها بأن تغفو عن السببِ
وأوهموها بأنّ الموتَ شرفتها
نحو التلاشي
لكي تنجو من التعبِ
وعلقوها بدرب الذئبِ عاريةً
من المصابيحِ
قادوا القشّ للهبِ
المجدُ للكذبِ
هذا العصرُ مرتهنٌ لأخوة البئرِ
تاريخِ الشقا الكذِبِ
والمجدُ للظلمِ لا سيّافَ
يرحمنا
أعناقنا اليومَ مُدّتْ نحو مغتصبِ
والسارقونَ رغيف الناس
أعرفهم
فكلهم كلُّهمْ كانوا أبا لهبِ
راية الذل
طفح الكيلُ يا بلاد
استفيقي
أصبح البحرُ من ضحايا الغريقِ
أوغلَ العتمُ في خلايا
نيامٍ
أدمنوا الصمتَ وانتحالَ البريقِ
كرّسوا الذلَّ رايةً
لا تضاهى
حوّلوا القولَ شرفةً للنهيقِ
يا بلادُ التي ارتوتْ
من دمانا
تصنع الضوءَ من جحيم الحريقِ
ترسمُ العارَ والخنوع
طريقاً
ترسم الذلَّ
لسُّكوتِ العتيقِ
طوْبروا الناسَ
في صفوف اليتامى
حين لاشيء في
الوجود حقيقي
زيّنوا الوهمَ والجميعُ
عماءٌ
حوّلوا الأرض ساحةً للرقيقِ
ثم باعوا لحومنا
بقروشٍ
عمرنا صار ضحكة الزنديقِ
طفح الكيلُ
والجميعُ غفاةٌ
ليس فينا من نهضة الفينيقِ
والكوابيسُ يقظةٌ في المرايا
والغدُ المرُّ غاية التلفيقِ
يا بلاداً تعيش موتا وصلبا
يجهلُ الوحلُ
متعة التحليقِ
رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه