أدب وفن

“الصرخة”صنو الفدا”طريق الذل” مجموعة قصائد بقلم الشاعر عصمت حسّان

الصرخة

في ذروةِ الصوتِ قد جاوزتُ تحليقي
أتلو الفراديسَ
كي أنجو من الضيقِ

حولي حقولٌ من الآمالِ يابسةٌ
وتسكبُ الشعرَ
دفّاقاً أباريقي

لا دفقَ في الماءِ
هذا النهرُ منكسـرٌ
والنبعُ يخجل من لومي وتحديقي

والبحرُ طفلٌ مشى للملحِ
مكتئباً
مذْ أسلموا شاطىءَ الشكوى لزنديقِ

والحقلُ أنّةُ عشبٍ
كمّموه فماً
وعلّقوهُ على نجوى المشانيقِ

جرّبتُ أن أقتني عكّازَ يسندُني
من عثرةِ الوقتِ
من يأسِ المغاريقِ

حاولتُ والشعرُ
أن نعلو على زمنٍ
ما زالَ يُحْكَمُ من ظلمِ الخوازيقِ

فشّدَّني الحبرُ نحوَ الناسِ
أمنحُهمْ
طوقَ النجاةِ الذي من دون تلفيقِ

أقولُ للأعورِ الدجّالِ أنتَ غِوىً
أخذتنا بغتةً
قصداً لتفريقِ

حوَّلْتَ مجرى ولاءاتٍ لنا
مزقاً
يا وارثَ العتمِ
كم حاولتَ تمزيقي

في لحظةِ الصمتِ
صوتي قد غدا وطناً
لا تسكتوني
يزيدُ القهرُ تعتيقـي

وخمرةُ الصحوِ فينا
والصراخُ صدى
يا أمةَ الصمتِ يا إرثَ التلافيقِ

من قالَ بعد الفنا بعثٌ
سيرجعُنا
نحو الحياةِ
أنا خاصمتُ فينيقي


صنو الفدا

زرعتُ في الريحِ قمحَ الروحِ
والهدُبِ
فقام كلُّ لصوص الأرض في طلبي

كأنني خنتُ دستوراً لهم
عفناً
يجرّدُ المجدَ من تاريخه العربي

جرّبتُ أحفرُ في الظلماء
نافذةً
تتيحُ للشمس أن تعلو على الحجبِ

رأيتُ في الوهمِ جمهوريةً
وئدتْ
بدونِ ذنبٍ سوى استقوتْ على الذَنَبِ

قامت تؤسّسُ للينبوع
أجنحةً
لينبتَ الوردُ في منجيرة الشهبِ

وأولمتْ ثغرَها الخمري
ذات غِوىً
للعاشقين فأهدوها إلى الحطبِ

كانت تسائل قصرَ الرمل
عن مَلكٍ
أهدى إلى البحر
تاجَ العشق
للكتب

وتمسكُ النجم قبل الليل
تسأله
عن شاهق السرّ
في أهزوجةِ النسبِ

كانت تلوّحُ بالنايات عاتبةً
تسقي الفراشاتِ
من نافورة القصبِ

بيروت كانتْ وتبقى
شرفةً ومدى
أهدتْ إلى الناسِ
كي احظى بها أدبي

سارت على مذبحِ التاريخِ
عاريةً
رداؤها الموجُ
تهدي الشهدَ
للحقبِ

كم ساوموها على صحوٍ
على شغفٍ
ما كان ترضى سوى شالاتها الزغبِ

نَجَتْ ألفاً من الطوفانِ
مشرقةً
تصيحُ بالمجدِ : يا صنوَ الفدا انسكبي

أظنها اليوم تنجو
من دسائسهم
تعيد للشمس
مصباح السنا الذهبي


طريقُ الذلِّ

لنا أمٌّ بحجم الكونِ ضحكتُها
ونحن اليوم
عند القبرِ أيتامُ

نسينا في طريق الذلّ
دمعتَها
وفوق ضريحها تختالُ أصنامُ

تركناها بوعرِ الدربِ
أنّتَهـا
تداري جرحَها المفتوحَ أقلامُ

كأنّ الريحَ تأكلُ زهرَ عِفّتِهـا
نغضُّ الطرفَ
أربابُ الوفـا ناموا

لنا أمٌّ وكانَ اللهُ يعشقُها
وأعطاها حقولَ التبرِ
حينَ الكون أنسامُ

وتوّجَها على البلدانِ عاصمةً
لكلِّ الحسنِ
بعض الحسنِ إلهامُ

وعلاّها على الأيام ساريةً
وداليةً
وكمْ خانتْ وفاءَ الروحِ أيامُ

بلادي فوقَ خدِّ الشمسِ بسمتُها
وفوق ترابِها العالي
بهاليلٌ وأقزامُ

أضاعوها وساروا
في جنازتها
وبعضُ النسلِ مدسوسٌ وهدّامُ

وكم تحتاجُ أن تصفو
بُنوَّتُهـا
ويخرجُ من جحيم الصمتِ مقدامُ

لنا أمٌّ جنانُ الخلد تحبو
تحتَ خطوتِها
وقد قُصَّتْ لها دربٌ وأقدامُ

فقوموا من جليدِ النومِ
تعلو اليوم صرختُها
وكلُّ الخير بالأبناءِ لو قاموا


الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى