أدب وفن

“الفراديس” بين الأمس واليوم “التقرير” باقة من قصائد الشاعر عصمت حسّان

الفراديس

في جردة العمر
هذا العامُ منحوسُ
بكل همٍّ مدى التاريخِ مغموسُ

عامٌ تنكّبَ بالآلامِ أجمعِها
لم يصنعِ اللهُ
صاغَ الوقتَ إبليسُ

جوعُ الملايينِ
آفاتٌ بلا عددٍ
وكلُّ حلمٍ أتى رعبٌ وكابوسُ

زلازلُ الروحِ
ترهيبٌ ومفسـدةٌ
كوارثُ الشــرِّ ، حين الإفكُ مدسوسُ

معاركُ الظلمِ
كفّارٌ بلا ســندٍ
ذلُّ المساكينِ ، ترئيسٌ ومرؤوسُ

وغايةُ الكونِ أن يبقى لنا حفراً
وفوق كومِ الفنا
يختالُ خسّيسُ

أينَ الكراماتُ
صار الناسُ أرصدةً
والعقلُ في الناسِ مردودٌ ومعكوسُ

أينَ البطولاتُ
باتَ الكلُّ من فزعٍ
يخشى من الظلِّ حين الضوءُ مطموسُ

أينَ القوانينُ
كلُّ الأفقِ ملتبسٌ
والعدلُ ميْتٌ ، وأهلُ الظلمِ قاموسُ

كونٌ تجرّدَ من عقلٍ
ومن قيمٍ
ما فيه مئذنةٌ تعلو وناقوسُ

وأرضنا اليومَ تيهُ الأرضِ
قد سقطتْ
وصار يعلو هنا قومٌ مناجيسُ

في جردة العمرِ
هذا العامُ كبّلنا
وكلُّ وعيٍ بسجنِ العتمِ محبوسُ

أقولُ بالشعرِ كم أحلامنا
احترقتْ
وكم تصدعّ قنديلٌ وفانوسُ

وأشربُ الرملَ
هذا الخطو يرهقني
على الخرائطِ أرضٌ ينخرُ السوسُ

يا سيدي الشعر
ردَّ الأمسَ ثانيةً
لعلَّ تنبتُ في شعري الفراديسُ


بين الأمس واليوم

هل يشبه اليومُ الجديدُ
البارحهْ؟
أم تنتهي كلُّ المآسي الجارحهْ

هل يخرجُ الإنسانُ
من كهفِ السنينِ القاسياتِ الوقعِ
ينفضُ جانحَهْ

يا ضحكةَ العصفورِ ترسمُ
وردتينِ على المدى
وتقودُ أحصنةَ الرياح السارحهْ

يا رقّةَ الأنسامِ تحضنُ زهرةً
وتشمُّ من عبقِ الوجوهِ
الرائحهْ

يا عقرباتِ الوقتِ دوري للوراء هنيهةً
واتلي على كل الزمانِ
الفاتحهْ

اليومُ ابنُ الأمسِ
يشبهُ دمعةَ الماضي البعيدِ
وضحكةَ الآتِ
وملحمةَ السنين النائحهْ

وغداً يشابهُ سابقيهِ توجّعاً
ما دامتِ الأوغادُ
فينا
راجحهْ

مادامتِ الأيامُ بنتُ نقيضها
وجميعنا
لا نرعوي
ستظلُّ حتماً طالحهْ

قمنا إلى التوقيتِ نشعلُ شمعةً
والوقتُ صمغيٌّ
يريدُ مصالحهْ

لمْ نكتبِ الأخطاءَ كي يغدو السّنا
نهجَ الطريقِ
إلى عقولٍ صالحهْ

لم نلتفتْ للخلفِ
أولُ حفرةٍ سقطتْ بعتمتها
القلوب الجامحهْ

هل يشبهُ اليومُ الجديدُ البارحهْ
لم يختلفْ ابداً
هو ذاتهُ الطعمُ المقيتُ بلونهِ
والرائحهْ
,,,,, ,,,, ,,,,,,,,, ,,,,,,,,,, ,,,,, ,,,,,,,

التقرير

لا شيء يبشُّر
بالخيرِ
في وطنِ الشعبِ المقهورِ

في بلدٍ بيعَ
لسارقهِ
واستقوى في قتلِ النورِ

في أرضٍ
عنقُ كرامتِها
في كفّ اللصّ المأجورِ

في بلدٍ كانَ
لأرزتهِ
صيتَ التاريخِ المشهورِ

واليومَ المنفى
شرفتهُ
ورؤاهُ شهاداتُ الزّورِ

لا شيء يبشّرُ بالخيرِ
والليلة أكتبُ تقريري …

عن شعبٍ جاعَ
وعن حقلٍ
قد أصبحَ ساحةَ تعتيرِ

عن طفلٍ يخسرُ والدةً
وأباً
في وهمِ التحريرِ

عن زعما الرقّ
ونهبِ الرزقِ
وحرقِ الحلمِ المكسـورِ

عن ذلّ الليرةِ
والأسعارِ
وحالِ السوقِ المسعورِ

عن جشعِ التاجرِ
والسمسارِ
وغشّ ملوكِ التزويرِ

عن ناخبَ باعَ ضميرَ
الروحِ
ومجلسِ ظلمٍ أسطوري

عن عدلٍ يملكهُ
الأسيادُ
أباحَ العفّةَ للنيرِ

لا شيء يبشّرُ بالخيرِ
والشعرُ اليومَ
وأهلُ الشعرِ
كمثلِ الطيرِ المأسورِ

ما دامَ الناسُ هنا
ناموا
والشمسُ ببالِ المخمورِ

والأرضُ تسدُّ
عن الشكوى
آذانَ نهوضٍ منصورِ

الليلة أكتبُ تقريري
قولوا للأرزةِ أن تنسى
ما عدنا في وطنِ النورِ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى