د. بلقيس بابو تقرأ بين سطور “متعب وجه الوطن ” للشاعرة غادة الحسيني
عن ديوان * متعب وجه الوطن * للشاعرة غادة الحسيني
د.بلقيس بابو
الشاعرة غادة الحسيني هي النموذج الحقيقي للمبدع المرهف الحس و الذي لا يكاد يمرّ أمر بحياته أو محيطه إلا و ترك لديه أثرا عميقا يترجمه بكلمات عذبة، سلسة ، و يظهره شعرا بإتقان و بفنية عالية.
بدءا بالعنوان، فما هو الا تعبير عن ذات الشاعرة و عن تعبها مما يحدث حولها ، فلا يمكن ان نفصل الشاعر عن محيطه بكل الظروف التي يمر بها؛ فتجد الشاعرة غادة تترجم بأمانة شعرية فريدة أوجاع الوطن و معاناته و كأن جرح الوطن أصاب جزءا من جسدها و كأنها تتحدث بلسان كل أبناء هذا الوطن العربي الكبير الذي كدنا نيأس من تحسن أحواله و نفقد الأمل في اقلاعه نحو حياة كريمة للأفراد و الجماعات.
و يظهر أسلوب الشاعرة الجميل ، مدى حبها للوطن و رغبتها و أملها في غد أفضل ، و ما هذا التعب المشترك بينهما و الواضح على وجهيهما إلا ترجمة لانصهار عواطف الشاعرة في حب وطنها الأم و الذي تخاطبه أحيانا كفرد من أسرتها الصغيرة.
رغم تأرجح نصوص الشاعرة بين اليأس و الأمل إلا أننا و نحن نقرأ ديوان غادة الحسيني نلمس بوضوح الحضور القوي للحب الذي يبدو و كأنه المحرك الرئيسي و المحوري في حياة غادة الحسيني . ففي أغلب قصائدها و ومضاتها ، تتكلم الشاعرة عن حب الحياة ، حب الشريك ، حب الأبناء، حب الوطن ، و خاصة حب الذات الايجابي و الاعتزاز بها و بكرامتها ..
من خاصيات شعر غادة الحسيني أنه ينطلق من المشاعر و الأحاسيس و الانفعالات الوجدانية لينتهي في كل مرة إلى كل ما موضوعي و يرجح كفة العقل و المنطق و هذا قد يكون حتما ناتجا عن طبيعة تكوين الشاعرة العلمي و الهندسي ، فأدى ذلك إلى عمل متكامل تطبعه الواقعية و العقلانية في قالب من الجمالية الإبداعية الفريدة، الممتعة.
ألف مبارك مولودك البكر و نتمى أن نرى له إخوة عدة في المستقبل القريب.