رغبات مسافرة / بقلم القاصّة هند يوسف خضر سوريا

رغبات مسافرة
الليل يقترب من زوايا غرفتي، يعبث بانحناءات روحي المسافرة عبر اثير الرغبات ، كنت اسامر تلك العاصفة الهوجاء من خلف ستائري في الخارج كانت تأكل كل شيء حولها كحوت فقد توازنه عندما قذفته موجة مجنونة فوق رمال الضياع. كانت الريح ،تغنّي ،تئنّ ،تحدث خراباً وتبعث صفيراً كما تشتهي من دون أن تأخذ بالحسبان حالة الهلع الّتي تحدثها في كلّ قلب عندما نسترق السّمع لضجيجها بين النّخيل والصّفصاف .. في الغرفة كان الدفء يجتاح زواياها ،يبذل قصارى جهده لطرد الصّقيع الّذي يطوّق الأجساد ،يضع تحت جناحيه الأنفاس المتسرّبة بالأحلام فيجعل لهاثها دافئاً ، يمسح بلطف جبين الوقت .. لنسرح مع خيالنا قليلاً ، الدّفء رجل يبحث عن لون الشمس والرّيح أنثى تطرق على زجاج نافذته … يمد يده يحاول أن يمسك بيدها، ليعبر معا حدود الزّمان ويجوبا سويّاً حدود الفضاء .. الدّفء :حبيبتي ،أتفتّت في مناخك ،تنعشني أنسامك ،لن أكتفي إلّا بالتّمدّد على شواطئك، تعالي معي إلى بلاد ليس فيها سوانا لنبني من الحبّ كوخاً صغيراً فوق غيمة .. الرّيح :لقد عصفت بقلبك ،تغلغلت في مساماتك و تحت بشرتك ،نحن روحاً واحدةً في جسدين ،سأسقط كلّ فكرة تحول بيننا على الأرض وألقي بها في بئر الّلاوجود ..
الدّفء : هذه الّلحظة نجلس على مقعد عتيق ، حولنا عرائش الياسمين ،دعيني أحيطك بذراعي للأبد وأتذوّق طعم الفرح بقربي منك .. الرّيح :دعني أعبث بشعرك ،أسرّحه بأصابعي ، اضبطني على توقيتك وعلى قيد رغباتك أشتدّ وأهدأ ….
الدّفء : البرد هنا يعكّر صفو جلستنا ولهذا ما رأيك أن أفتح لك نافذة قلبي وأسابق خطواتي لتدخلي كوخي ونغرق في عناق طويل ؟
الرّيح :ربّت على كتفي لأغفو بين زنديك وأرقد كطفلة لا تعرف الأمان إلّا في حضن أمّها ،روحك وسادتي وظلّك غطائي .. الدّفء :البسيني كمعطف عليك يقيكِ من برودة الشّتاء ..
الرّيح :وعدي لك أن أكون نسمة لطيفة تلفح ملامحك في حرّ الصّيف ،حبّ عميق ، تفاصيله احتواء رجل واكتفاء امرأة .