أدب وفن

هل لي أن أقول وداعا…

نزار حنا الديراني

هل لي أن أقول وداعا لقامة كبيرة حفرت اسمها في ذاكرتي ؟ هل لي أن أقول وداعا لصديق عاشرته لأكثر من اربعين سنة ؟؟؟؟

إلتقيته لأول مرة في الجمعيةالثقافية للناطقين بالسريانية في منتصف السبعينات حين زارنا وهو مدرس للتاريخ في بلدات الموصل ، ودار بينه وبيننا (الهيئة الادارية) حديثا شيقا ، أحببته لوسع معرفته في تاريخ العراق ، كان كلما يأتي الى بغداد كنا نلتقيه ومن ثم انخرط في السلك الكهنوتي وسافر الى بيروت وانقطعت عنا أخباره … وفي التسعينات إلتقيته في مهرجان المربد وهو قادم من لبنان وعرفني على زميل معه كان أستاذا للتاريخ في جامعة الموصل ، وعلى مدى أيام المربد (اسبوع) كنا نلتقي ، ومن ثم سافر ..

في 2016 حين كنت في بيروت زرت مطبعة توما لألتقي الأديب كابي رئيس رابطة أصدقاء اللغة السريانية  ، وحين كنت أنتظر في الادارة ، تفاجئت بكاهن وقور يخرج من غرفة الطباعة فسلم علي وسألته عن ذلك الأديب فابتسم وقال لي ألست أنت نزار الديراني ؟ قلت نعم أنا وهل تعرفني ؟ فقال أتتذكر … أنا سهيل قاشا … في حينها وكأني ملكت الكون ، وبعد نقاش دعاني للانضمام الى مركز ناجي نعمان الثقافي واتفقنا ان نلتقي في “جونية” عند مدخل البناية لنذهب سوية ، هناك عرفني على أساتذة كبار يلتقون كل يوم الاثنين من العاشرة وحتى الواحدة … واصلت المسيرة معهم ، كنت أرى الجميع يعاملونه كعلامة كبيرة يسألونه عن التاريخ ، وأحيانا أخرى كنا نلتقي في الرابطة السريانية أو في مكتب المطران جورج صليبا ، أو المطبعة أو في مناسبات ثقافية.. وعلمت انه يلتقي ايضا في مجلس أحد المراجع الشيعية في بيروت وحيث يدرس كأستاذ لمادة الإسلاميات ( التاريخ الاسلامي ) في جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة وقبل ذلك كان يدرس مادة الحوار الإسلامي المسيحي في معهد القديس بولس للفلسفة واللاهوت وجامعة الحكمة في بيروت .

كان علامة كبيرة له حضوره المتميز في العديد من المراكز وكان الجميع ينظر اليه كقامة كبيرة يحاورونه .. وفي مؤتمر عقدته (جمعية لؤلؤة الجنوب الثقافية ) في جنوب لبنان تحت اسم (جبل عامل مهد السيد المسيح ) دعوته للمشاركة ولم يتردد ، ورغم كبر سنه وعدته ان ينتظرني في دار اقامته في الساعة الخامسة صباحا فوجدته ينتظرني في الشارع العام ، وذهبنا وشاركنا … وكان المرحوم كثير العطاء فعدد مؤلفاته فاقت 120 كتابا (كما قال لي ) وكان يعمل لاصدار  كتاب (يتناول المبدعين العراقيين الذين برزوا في الساحة الثقافية اللبنانية ) كما كتب لي مقدمة لكتابي (نشوء الكتابة السريانية والعربية ، قراءة سريانية للنقوش المكتشفة في السعودية واليمن ) ازدادت علاقتنا الى يوم غادرت لبنان متوجها الى استراليا وكنت اتواصل معه .. رحمه الله ، رحيله هي  خسارة كبير لقامة عملت في العراق ولبنان بعد مسيرة حافلة بالمنجزات    

  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى