مع مرور الزّمن وتقدّم العمر أحنُّ إلى خبز أمّي …

مع مرور الزّمن وتقدّم العمر أحنُّ إلى خبز أمّي …
د. علي إبراهيم أيوب
مع مرور الزّمن وتوالي السّنوات وتقدُّم العمر أحنُّ إلى خبز أمّي…
رغم قسوة الأيّام ومرارة العيش وتقلّبات اللّيالي أحنُّ إلى قهوة أمّي…
فوق عثرات الدّهر وآلام الفراق وآهات اللوعة أحنُّ إلى لمسة أمّي…
ماذا تراني أسطّر من أحرف تصف أطايب مشاعري ومكنون أحاسيسي ؟!
ماذا تراني أنتقي من عبارات تجسّد عميق شوقي وحنين فؤادي ؟!
اليوم وكلّ يوم وكلّ لحظة نتأكّد أكثر أن الحياة تفتقد مذاقها الطبيعي بلا أمّ…
يأتي يوم الأمّ هذا العام وكلّ عام محمّلاً بكثير من الشّجن، مخاطبًا كلّ الناس بمعانٍ خاصّة، ولغة مختلفة، ومضامين متعدّدة، ليجترَّ من مخزون القلوب والعقول والضمائر، بعضًا من السّطور في صفحات عطائها، ومكنون قيمتها…
الأمّ… كلمة لها سر غريب عجيب، حيث تنحسر الكلمات وتتساقط الحروف منّا خجلى، وتتبعثر العبارات يمنة ويسرى…
الأمّ… فضلها يتناسب مع تضحيتها ومدى إخلاصها وودّها…
الأم… مدرسة للتّعليم، والتّربية، والقيم، والصبر، والمثل، والعطاء…
لا ينبغي أن يختصر العرفان والتقدير والاحتفال بالأمّ على يوم بعينه، لأنّ الأمّهات أعياد دائمة تزيّن كلّ أيّامنا وليالينا…
ولا يهمّ الاحتفال بقدر ما يهمّ أن نتذكّر، وهي الأجدر بأن يُحتفى بها كلّ زمان ومكان…
أليس النبيّ صلى الله عليه وسلم زكّاها عندما جاء رجل إليه وقال له: يا رسول الله من أحقّ الناس بحسن صحابتي ؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: ثم أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: ثم أمّك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. وما ذاك إلاّ لصعوبة الحمل، ثمّ الوضع، ثمّ الرضاعة، فهذه أمور تنفرد بها الأمّ، ثمّ تشارك الأب في التربية والمسؤولية، وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى:”ووصّينا الإنسان بوالدَيْه حملته أمّه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين”، فسوَّى بين الوالدين في الوصاية، وخصّ الأم بالأمور الثلاثة…
الأمّ… جمالٌ ترعرع في سكناتها عفوًا… وقصدًا راح يُنشد للورى معانيها…
الأمّ… شوقٌ لا تحكيه كلّ أحرف لغة الضّاد !!!
الأمّ… شوقٌ تقف عاجزة على أعتابه العبارات !!!
الأمّ… شوقٌ لا تصف عمقه كل ما للحنين من مفردات !!
أمّي… أروع القلوب قلبكِ، وأجمل الكلام همسكِ…
أمّي… اشتقنا لحلواكِ المعجونة بتجاعيد وجهكِ المبارك، والمخبوزة بشوق محبّتكِ الصّافية…
أمّي… نفتقد رائحة طعامك، وعبق أنفاسك، ودفء حنانك…
أمّي… نفتقدُ دفءَ دعواتك التي اعتدنا أن تنهمرَ علينا كل صباح رغم بُعد المسافات…
د. علي إبراهيم أيوب
dr.aliayoub@hotmail.com