أدب وفن

طقس المدينة :
أشعر بالبرد
كسرني الوقت

العلامة الشاعر حسين أحمد شحادة

طقس المدينة :
أشعر بالبرد
كسرني الوقت
——-
يصيح الحارس الليلي
من هناك ..؟
تصيح المدينة النائمة
لا أحد
لا تطلق النار
المدينة تحت القهر
وتحت خطّ الأمل
والجنوب حزين
وبسبب الجوع وحده
المدينة تحت الصفر
أشعر بالبرد كسرني الوقت
وتجاوز الصوت
حدود الصوت
من هناك ..؟
لا أحد في وكر المسافة
يستيقظ الآن
ويسعى لتسكين هذا الرأس
وهذا الشيء الذي له عينان وأذنان
وساقان يمشي عليهما ويجري
بين الضحك والبكاء
لا أحد فوق السطر
عرفت كيف يرقص قاتلي
والدولة تحت وقع كوابيسها
تعيش في أغوار عفتها
تحت عباءة السفّاح
كما لو أنّ الريح
تنقضّ من دمي إلى دمي
وتطويني مثلما يطويني هذا البئر
فأخجل من ماء وجهي
سيدتي
يا ليت لي دفء البدايات
ودفء الحبّ
لكي أنام
ولو عارياً تحت قناديلي المطفأة
يصيح العابرون
اللطيمة .. اللطيمة
عبثا تنادي السراب
وأنت تحت الكلام
مجرد عابر في الطريق
فماذا هناك
غير تميمات الخراب
ماذا هناك ..؟
وماذا هنا
والردى
طلل يستهجن أن يؤخذ الجسد
من مضمرات تاريخه المستور
في جوف اللغة الحجرية
وهذا القمر البارد
يطوف حول النار العميقة
في أوج المتاهة
وأوج التفاهة
فيصيح الوقت المذعور :
سأعود إلى الغابة
من هناك ..؟
لا أحد
فكل الجهات التي اقترفت
عن تكتم السؤال
تكتم السؤال
والصدى
تحت الصفر سديم ترّمد
ليبتلع الأرقام
ويمحو ما لا يتغيّر بالقبض والبسط
ولا شيء غير النقطة السوداء
وقعت في يدي
لتبقى الأنثى في بؤبؤ الأحلام
قبواً عربياً
هي ذي ساعة الصفر
والبلاد تباب
بين الصحو والجفاف العظيم
ظمأ يدوي ويلوي ذراعي
من جهة الحلم المحشو بالرمل والجنون
أقول يا ربي
هذا هو دم الموّودة
يمرّ بين أضلعنا خوفاً من الدمع الذي تمرّد
من خارج الغياب
ليقحم الفراغ بالسنين الضوئية
مثلما تفعل خيوط العنكبوت
في مغارة خاوية
لا تسأليني عن الهاوية
ستمضي الجنائز الى مستقر لها
وتمضي شفاه الظلام
إلى امتداح طقس المدينة
وليس هناك ما فوق الزمان
سوى تكرار الصفر
وتكرار أغلاطنا
وتكرار موتنا المشبع باليقين
…..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى