باقة قصائد للعلامة الشاعر حسين أحمد شحادة

أسوار العيد
العيد يكرز في الحقول
يطيل النظر في الأسوار
ويحفظ سرّ الأزهار
ماذا تغير ..
تشاكل الأمر
ولا عطر يشابه عطر الحنين
إلى ذكرى جميلة
هل تحررّت من شهوة عينيك
ومن خيبة السؤال
عن دمك المراق
على غيمة ورثت مستودع السواد
من مناديل البحر
سأكتفي باللون الأحمر
ومناديل الوداع
لأعلن إنتصار الروح
على جدل الطبيعة
وأقول بصمت
ما أبعد مزمار الفرح
عن جوع النهر
ما أبعد الرغيف
عن وردة ظامئة
والعيد خجول
يعدّ المدائح لصيام الدهر
ويرسم على الجدار
صورة حزينة
لكأس فارغة من القافية
كفانا غناء
كفانا بكاء
لا يسقط من تكرار الخطيئة
إلاّ التكرار
وهذا الوقت للريح
والوقت جريح
فلا تجادل من لا يعرف الأنواء
ما أضيق الزمان
على هذا الجسد
ما أوسع هذه الأرض
على طريق الحرّية
على درج العيد
شموع حزينة …!
لكأنّ الشمع المتشح بالسواد
يلامس هذا الفراغ ويرثيك
ذبحتني العتمة
ويرهقني الحنين توقاً إلى بيروت
كل عام وأنت بخير
هل يكذب الشمع
ليكون أصدق من نجمة غارت
في غلس الدمع
فأطفأها الدم الفتّان على قميصك الكاكي
في وطن لم يرّوضه الجوع
فاحتمى بزهرة مكسورة الخاطر
واحتفى بطقوس العشاء الأخير
لينتبه الظلام
يذوب الشمع
كموت يواري الضوء
في ليل بلا امرأة
وأطفال بلا منازل
ويبقى في رماد أبيض
يغامر الإشتعال في غزل
ويصحو
كي يجاهر بلذة الألم
والشمع في أعمق خيالاته
يفتضّ الصمت ويعتاد على نعشك
ويحترق بألف ألف سؤال
عبثاً يذوب القلب يا أمي
ولست أرى غير خيمة في العراء
عبثاً يعود النازلون إلينا
ولست أسمع غير التباس الريح بالدخان
احترقت في هواك
واحترق الحبّ
يا أيها البحر المصاب بانزلاق الشمع
على مدينة تشرب الدموع
يا أيها البحر المذهول
هل أنت مغمى على صدري
فمن يضيء عروق المياه
والموج ضدك
وسارية الزمان عليك
في انتظار المدينة البعيدة
—-
قالت :
أتريد أن يأتيك العيد بأمنية
تتسع لصباحاتك القادمة ..؟
قلت :
أسوأ ما في الحلم العربي
غموض السبيل إليه
لبس لي غد أخضر
يرفّ بماء الزهر
ليس لي أفق
من دون أن يسترد الحلم جذوري
ولو كان للزمان يوم يتحررّ فيه
من عبء الإنتظار
وعبء الأرق
لما غابت القدس
عن روزنامة العرب
ولي من مزق الوقت والأماني
ألف مدينة
تمتدّ وتشتبك وتمحو
صباحاتي القادمة
طار الزمان
وطار قلبي من فردوس أحلامه
وآن لي يا سيدة الحطام
أن أقرع الجرس
لعل رمحاً يضيء
لغير هذا الليل
ومهما قلت
ما زلت كالأطفال
أحبّ العيد تحت زيتونة
لا يختفي ظلها عند المساء
……..