وشدني صدرك / بقلم الكاتبة خلود أنيس ابراهيم-سورية
وشدني صدرك ..
طال الحديث بينهما و تشعّب … لا هي ملّت حديثه و لا هو تعب . كانت الضحكات ترفرف في الفضاء كفراشات أيقظها الربيع ، و كانت الهمسات زهوراً تتباهى بصباها بين قلبيهما فينفلت العطر من يديها ليرافق دقات القلوب .. فالعطر يعرف أنه عندما يكون حقيقياً أصيلاً لا يبليه الزمن و لا تنكره الأيام و مهما حدث يبقى أثراً لا يمحى …لذلك رافق الهمسات ليخبرها و يعلّمها أنها كلما كانت صادقة أصيلة حقيقية فإنها ستبقى بين ثنايا الروح كما يبقى هو عالقاً في ثنايا الملابس .
حلّق الليل فوق رأسيهما … زارهما النعاس رغم المقاومة التي أُبديت له . نادتهما الذاكرة مستعرضة قائمة بواجبات لا بد من أدائها مبكّراً في صباح اليوم الذي وُلِدَ من رحم لقائهما .
قبل أن يتودّعا ..
قال لها : ( لا اطيق بعادك لحظةً …)
اجابته : ( وسّدني صدرك ) .
و ذهبت ….
في اليوم التالي فتح عينيه على ضوءٍ اخترق الستارة كأنما أرسلته الشمس خصيصا له لتخبره أن النهار الجديد قد أصبح ملك أصابعه ، و أن الكثير من الأمور تنتظره ليتمّها .
نهض بتكاسله المعتاد ، كسر روتينه الصباحي فتوجه إلى النافذة فتحها و أسند كفيه على حافتها … عبّ من الهواء ما إستطاع … و من ثم تابع روتينه الصباحي
على عتبة الباب رفع رأسه إلى السماء فوجدها قد فتحت ذراعيها لكل النسائم التي تود عبورها دونما تأشيرة دخول أو جواز سفر ….العصافير قليلة هذا الصباح … ألا تود أن تمارس بعض جنونها ؟ .
توقّفت سيارة بائع متجول أمام باب جيرانه . رد على تحية الجار الذي ابتسم له مشيراً بأصبعه إلى سترته قائلا : ( اليوم دافئ كيف تتحمّل هذه السترة ؟ ) .
لم يجب على تساؤل جاره بل مدّ أصابعه إلى صدره و مسح برفق على ناحية القلب ابتسم مفكّراً ( العصافير حدَست انك هنا تتوسدين صدري فصمتت و لم تزعجك بجنونها … و لكن جاري لم يعرف أنك هنا ترقدين بين نبضات القلب فارتديت سترتي لأحميك من العيون الفضولية المتسائلة كيف اوسدك صدري و النهار يعبرني بكل تفاصيله ؟ ..) .
مسح ثانية برفق أكبر على قلبه مبتسماً مطمئناً أنها مطمئنة و هادئة وادعة بين ذراعي قلبه …
مضى وئيداً مبتسماً مطمئناً أنه بعد الآن لم يعد وحيداً .