أدب وفن

حكمت حسن تقرأ في قصص رانية الجعبري

رانية الجعبري في:

كما لايحب أبي أن يراني

غلاف كتاب ” كما لا يجب أبي ان يراني ” للكاتبة رانيا الجعبري

كم من إرادة صلبة تملكها هذه الكاتبة ! إرادة تفوّقت على إجحاف معنوي قسريّ حجب عنها الخارج ، كلّ الخارج فاختارت مكانا تستطيع أن تكون فيه مع جسدها وذاتها وشخصيتها وأفكارها ورغباتها ، مكانا لا يقاس بالأمتار لكنّه فتح لها باب التعبير الصارخ الجارح عن مكامن فكرها ورغبات جسدها وروحها ، مكان تماهت فيه مع كلّ محتوياته ، فتحدّثت عن السيراميك فيه، والذي اعتبرته حضنا لها ،كاشف التواءات جسدها ومواطن الجمال فيه حتّى لتحسب أنّ تضامنها مع سيراميك الحمّام القديم المكسّر هو نتيجة انفعال مشروع تقنعك فيه بأسلوبها المائز أنّه عليك أن تحزن لما حلّ به من طحن وتفتيت بداعي التجديد ، فيما لم يحفل أحد غيرها بما أفرغته رغباتها فيه من متاع، ونراها في نصّ ثان تتحدّث عن صدأ ملقط الحواجب الذي طال انتظاره لها منذ لبست الحجاب فوُضع جانبا في منفى قسريّ ووُضع معه جمالها وتغنيّها به في إبعاد حتميّ عن الإعلان والظهور، وفي نصّ آخر تتحدّث عن ذاكرة مسمارين معلّقين سيصدآ حتما حالما يسمعان الأمّ تقول لابنتها : أنت أجمل هكذا بلا حجاب.وهناك نص عن الخاتم الذي يشعر بانفعالات الأجساد الباردة منها والحارّة ، ويميّز بين جسد زوج وجسد حبيب ، كأنّه هو من يشعر ويحسّ وينفعل. أمّا السرير فينتظر متى تلقي رأسها فيه فيحضنها ويستمع إلى شكواها،والقرط في الأنف الذي يتمنّى عودة الأنفاس الحارّة إذ يتلاقي الحبيبان،وأوراق الشجر الشاهدة على لقاء عاطفيّ وفنجان يتلهّف لأصابع تمسك به بكلّ حنان ،ولا يغيب عن بال الكاتبة رانية الجعبري العلاقة مع الكلب والتفريغ الانفعاليّ الذي تقدّمه لفتاة يضيق الخارج عليها خناقه فتتبادل الأدوار مع الجماد وتحيا.
كلّ ما في هذا الكتاب قساوة من الأعراف والتقاليد وتحجيم الاديان لدور الجسد مقابل عزم وإرادة لا تلين ، عزم كاتبة كتبت فتحرّرت.


كتاب ” كما لا يحبّ أبي أن يراني” ، مجموعة قصصيّة صادر عن دار نلسن ٢٠٢٠
رانية الجعبري كاتبة أردنيّة من أصل فلسطينيّ


حكمت حسن/ شاعرة و ناقدة
١٢-٧-٢٠٢٢

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى