أرغفة أبجدية/ميساء ابراهيم – سورية
أرغفة أبجدية
لا أعلم كم الساعة الآن لكني دخلت إلى مطبخ
الكلمات لأجد أوراقًا مزدحمة بعناوين غادرها الحبر ذات نهار،
أقلاماً ترتشف بقايا فناجين منهكة من شدة التعب ، ألقيت نظرة سريعة على رفوف الفكر المتعاكسة كانت تستلقي على ظهرها بكل أناقتها تنتظر عطر أصابع غابت في حضن الضباب، بنتي المشاكسة ألحت على دماغي المتصدع طبخة مختلفة بمناسبة اكتشاف عالم عربي دواء للسرطان بعشبة لم أستطع حفظ أسمها، لذلك
أردت أن أطهوَ لها شيئاً مختلفاً عن الطعام المعتاد. انتزعت دماغي من رأسي لأجعل جمجمتي فارغة من كل شيء
لأن البانادول لم يعد يجدي نفعاً مع صداعي،
على مائدة الأبجدية استرحت كمسافر حط رحاله في محطة مسحت أنياب الزمن عنوانها،
استرحت بعد سفر طويل
أخذت نفساً عميقاً مشبعاً بالأوكسجين لأطرح زفيراً بتنهيدة
لازمتني طوال سنين،
أه شعور لامثيل له كان لابد من تقيء تلك الغصة المليئة
بالكربون التي لازمت بحيرة قلبي منذ عقود
والآن وبعد هذا الثبات من الصداع والألم لابد من صنع أرغفة
يقتات منها عقلي لتعود ذاكرتي التي سرقها لص محترف،
سأعجن كلماتي بملح عيوني
وأحتفل بالنصر ،
سأسكب نبيذ عنب معتق في كأس جنوني
لأعود تلك الطفلة الضاحكة تلك النجمة الساحرة
تلك الروح النقية.
اليوم في مصفاة الأوراق سأزيل كل الشوائب، وغبار الزمان ،فلا طعام شهي دون غسيل ذاكرة الألم،
اليوم سأفتح نوافذ قلبي وأسترجع عقلي،
وغداً سأكون
برائحة سنابل وأرغفة خبز بطعم الحياة.
أرغفة بحبر شمس
وحقول أبجدية على مائدة صبري.