أدب وفنمقالات واقوال مترجمةهمسة

مارلين مونرو الشقراء الذكية …!!!

ترجمة / سمية تكجي

المصدر / historia

قصائد مارلين مونرو و رسائلها تفتح الباب على سبر اغوار دواخل هذه الفنانة و عمق افكارها و مقاربتها للحياة كما تعكس خوفها و عدم الشعور بالامان اللذين لازماها في حياتها …

مارلين مونرو تقرأ شعر و نثر للكاتب هنريتش هاينه

صورة مارلين مونرو في حقبة الخمسينات تناولها الإعلام حتى الشبع،حيث كانت صورتها تتصدر دائما اعلانات حفلات الفن و المجلات و كل الوسائل الإعلامية التي كانت متاحة في ذاك الزمن ، و لكن ماذا بالنسبة لمارلين مونرو المرأة و اعماقها، ماذا هناك تحت ضحكتها المضيئة و نظرتها الساحرة…

مارلين مونرو في المقابل حاربت طوال رحلتها الفنية نظرة المجتمع الذكوري نحوها، فقد اتهمت انها الشقراء الغبية، و التي لا تجيد التمثيل ،و انها الضعيفة التي تعجز عن امتلاك زمام أمرها…لكن الحقيقة كانت عكس ذلك …

مارلين مونرو كانت كاتبة على جانب كبير،من الإحساس و الجودة و الرؤية …

قليلون يعرفون هذا الجانب من شخصيتها، و بينهم استاذها ستراسبورغ، عندما توفيت مارلين مونرو عام ١٩٦٢ ورث كل شيء من اشيائها، لكنه و بعد عقدين من الزمن توفي و انتقلت هذه الأشياء إلى زوجته آنّا ستراسبورغ التي عاصرت مارلين في أوج شهرتها، لكن الزوجة لم تتنبه إلى تلك الأشياء و قيمتها المعنوية، إلى أن عثرت بعد عقدين من وفاة زوجها عثرت على صندوقين في خزانته، فتحتهما و قرأت كل الاوراق الموجودة فيهما ، أي بعد اربعين عاما من العتمة ، كانت تلك الرسائل تساوي كنزا ثمينا، كانت القصائد و الرسائل التي كتبتها مارلين مونرو.

في تلك الاوراق كانت مارلين مونرو الحقيقية، و الصورة و الجوانب الحميمة و العميقة المجهولة للعلن، في بادىء الأمر قررت زوجة ستراسبورغ تحويل تلك الأوراق إلى فيلم سينمائي ثم استبعدت الفكرة، كي لا تكون تلك الجوانب الحميمة في متناول الجميع ، و كي لا يقال عنها، إنها تحاول كسب المال من وراء ذلك ، لذا قررت جمعها في كتاب ، كي تصل مرة واحدة …هي مارلين مونرو…

مارلين مونرو تقرأ “حول أسلوب التمثيل” لمايكل تشيخوف.

بعد ثلاث سنوات وصلت مخطوطات مارلين مونرو إلى المطبعة و كانت تحت مسمى مقتطفات: قصائد، خواطر ،رسائل . و قد وضع المقدمة للكتاب ستانلي بوتشتال و برنار كومنت و كل ما ورد في تلك الكتابات كان يتجلى فيه أفكار مارلين حول الموت ،الوحدة،الطفولة الصعبة ، الهوة بين العالم الخارجي و العالم الداخلي للنفوس …و قد قال عنها الأخيران في تلك المقدمة ، إنها إمرأة ذكية ،مثقفة، تمتلك فضولا عميقا لمعرفة الآخرين …!!!


الرسائل تظهر أن مارلين مونرو، حتى في أيامها الأخيرة، كانت ما زالت تضع خططا للمستقبل

في قصيدة” الجسد و الروح” كتبت مارلين: في كثير من الأحيان أحس بأنني روح بلا جسد … و هنا تعبر الشاعرة فيها عن احساسها بالفرق الهائل الذي ينظر الآخرون من خلاله إليها، و بين ما تحسه هي عن ذاتها…
و كذلك في قصيدة” الوجه و الصليب” ، حيث كتبت :قلبي يشتعل ، بينما انت صقيع بارد ووميض…
و كذلك في قصيدة ” انا خائفة ” كتبت : اخاف جدا ات لا يحبونني/ و عندما يحبونني أخاف أن افقد قدرتي على التفكير /في اللحظة / البعيدة أو القريبة / أنهم سوف يكفون عن حبي
و كذلك في قصيدة ” أن تكون سعيدا” تنهمر مني دموع / لا يراها أحد/ على خديّ . و هذا إشارة صريحة لشعورها بالوحدة.

إلى جانب الكتابة كانت مارلين مونرو شغوفة بالأدب و القراءة و قرأت ما يقارب ٤٠٠ كتابا شكلت مكتبتها الخاصة ، كانت مارلين تعوض شعورها بالغصة كونها لم تكمل تعليمها الجامعي . و ليس ذلك فحسب ، بل إن مارلين تسجلت لتلقي دروس جامعية ليلية في الأدب و تاريخ الأدب و تاريخ الولايات المتحدة، و قد أجابت على سؤال الصحافي جورج بلمونت: حين سألها لماذا لا نراك في الاحتفالات و قبل التصوير في الكواليس ، و قالت حينها …جوابي بسيط جدا أذهب إلى المدرسة ….!!!
و يظهر من خلال مجموعة كتابات مارلين مونرو ذكاؤها و اهتماماتها المتعددة .
حيث كانت تقرأ في الفلسفة ،السياسة،المسرح ،التاريخ،الفن ،السير الذاتية و غيرها …
للأدباء و العلماء : دوستويوفسكي، تولوستوي، مارك توين فلوبير، إميلي ديكنسون و كذلك المعاصرون لزمنها ك جاك كرواك و هامنغواي، و دوروثي باركر.

كتاب يوليسيس للكاتب الايرلندي جايمس جويس يعد من أكبر و اعقد الكتب التي واظبت مارلين مونرو على قراءته، و قد شاور الشك الكثيرين ممن رأوا مارلين في الصورة تحمل ذلك الكتاب و تستغرق في قراءته في صورة وثقتها عدسة المراسلة ارنولد في وكالة ماغنوم التي كانت الفنانة الايقونة تثق فيها بشكل خاص .
مما حدا بريشارد براون أن يسأل ايف ارنولد عن مدى حقيقة الصورة ، فأجابته في رد على رسالته أن ذاك كان لونغ آيلاند عندما كانت مارلين تصور أحد أفلامها و قد اغتنمت فرصة وجودها هناك فزارت الشاعر نورمان روستن، و قد كان لديها كتاب يوليسيس في السيارة و قضت كثيرا من الوقت في قراءته .

كما وصفت في رسالتها أن مارلين كانت تقرأ كتاب يوليسيس بصوت عال كي تستمتع بإيقاع الكلمات ،و تفهم الرواية بشكل أفضل

في المحصلة يمكن القول مارلين مونرو حاربت صورة ، الجميلة التي ينظر إليها كرمز للجنس و اثبتت انها أيقونة في فنها و جمالها و أيقونة في داخلها و حقيقتها …حتى لو بقي هذا الجانب منها مجهولا للكثيرين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى