أدب وفنمقالات واقوال مترجمة

في الذّكرىَ المائوية ” لمعركة أنوال المجيدة” 1921- 2021/الحلقة – الرّابعة- من – رواية “تحت ظِلال أشجَار التّين والزّيتُون”

في الذّكرىَ المائوية ” لمعركة أنوال المجيدة” 1921- 2021الحلقة – الرّابعة- من – رواية
“تحت ظِلال أشجَار التّين والزّيتُون”
( سيرة بطل مُجاهد شهيد معركة “أنوال” الماجدة)

د. مُحمّد مَحمّد خطّابي


جاء في التقديم البليغ للصّفحة المُشرقة الخاصّة بمناسبة الذكرى المائوية ” لمعركة أنوال المجيدة” 1921- 2021 – الذي تفضّل ممنوناً ووافاني بها صديقنا الأبرّ الباحث الألمعيّ الدكتور علي الإدريسي- ما يلي : “كان خيالاً أن تكون يا أنوال عيداً، ولجيل القرن العشرين نصراً موعودَا، وللتاريخ أنشودة فخرٍ تعبُر الحدودَا، وللشّعوب المُستعمَرة مرجعيّة وأفقاً جديدَا، ولأهل الرّيف والشّمال إكليلَ عزّةٍ وحديثاً مَجيدَا، وللحريّة مَقصداً وعنواناً تليدَا، ولقيم العدالة انبعاثاً ومنهجاً سديدَا، وللإنسان الحرّ مَعلماً لن يضيع وعنه لن نحيد”.
بمناسبة قرب الاحتفال بالذكرى المائوية لمعكة أنوال الخالدة بقيادة الزّعيم البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي رحمه الله يطيب لي أن أقدّم لكم ولكنَّ أحبّتي الأعزّاء، صديقاتي الكريمات كلّ يوميْن مقتطفاً من روايتي “تحت ظِلال أشجَار التّين والزّيتُون” ليتسنّى قراءتها والإطّلاع عليها مشكورين وممنونين من زوّار هذه الصفحة الفيسبوكية المتواضعة الخاصّة بي سنقدّم بحول الله في سطور مقتضبة ونعرض في سرد قصصيّ مشاهدَ وأحداثاً ووقائعَ استرجاعية مستوحاة من سيرة جدّنا الأبرّ المُجاهد الأجديري الورياغلى “مُوحْ نَسِّي أحمد خطّابي الذي قيّض الله له أن يسلم الرّوح شهيداً فى معركة “أنوال” الماجدة غِرّة المعارك خلال حرب الرّيف التحرّرية الباسلة الى جانب العديد من رفقائه من المجاهدين الشهداء الآخرين الابطال الذين أعطوا النفس والنفيس، وأبلوا البلاءَ الحسَن دفاعاً عن حوزة الوطن الغالي، وذوداً عن عزّته وكرامته ووحدته وأهله وعشيرته في مقاومتهم ومجابهتهم وردّهم وصدّهم ودحرهم لأعتىَ قوّةٍ استعماريةٍ نظاميةٍ غاشمةٍ اسبانية لم تكن تغيب عنها الشمس لسنوات طويلة خلت حيث منيت في خضمّ المعارك التي خاضها المجاهدون الصّناديد الأبرار، والشهداء الشجعان الأخيار سواء في معركة أنوال الكبرى أو في أخواتها الماجدات الأخريات فى ادْهار أُوبارّان، وإغريبَن، إغزَرْ أُووشّن وسواها من مواطن النزال، ومراتع القتال، والملاحم البطولية التي لا تنسى والتي خلّدها التاريخ بأحرفٍ من نور ونار.
الحلقة – الرّابعة- من – رواية
“تحت ظِلال أشجَار التّين والزّيتُون”-4-
” كان “مُوح” فتىً يتيماً ، وهو لا يتذكّر متى توفّي والدُه ، كما أنه لا يعرف شيئاً عن ظروف وفاته في قريته المنيعة التى غالباً ما كانت تدخل في مواجهاتٍ،ومشاكساتٍ مع قرى أخرى مجاورة لأسباب لم يكن يعرفها أو يتفهّمها بعد. وكان كلما تذكّر والده وكيف انتقل إلى الرّفيق الأعلى فى ظروف غامضة يشعر بألمٍ شديد ، ويغشاه حزنٌ عميق .
وكانت والدته ( ميمونة أزرقان ) امرأة ذات شخصيّة قويّة ، كانت تتّسم بالشّجاعة والصّلابة , ولم تكن تخشى في الله لومة لائم،كانت شديدة المراس، قويّة العزيمة،ثاقبة الرّأي، مستنيرة الفكر، وفوق كلّ تلك الصّفات كانت قويّة الإيمان بالله ، محافظة على أداء فروض الصلاة في أوقاتها، وإليها يعود الفضل في تقوية شخصية ابنها (مُوح ) إذ كان لطبعها تأثير بليغ ، وإسقاط واضح على طبعه الصارم .
كان (مُوح ) أكبر إخوته سنّاً ، كان يشعر في قرارة نفسه بأنه أصبح رجل المنزل بعد رحيل والده المفاجئ، و لاحظ أنّ والدته أمست تعوّل عليه في العديد من أمور البيت والعائلة.
في ذلك اليوم ستعرف حياته تغييراً جذرياً عميقاً ، إذ سرعان ما فاجأته أمّه بالحقيقة على الرّغم من سنّه المبكرة ،قالت له في صوتٍ خفيض وبنبرةٍ حزينة جادّة :

لقد مات أبوك مغتالاً ، وعليك أن تستعد ّ منذ الآن لتحلّ محلّه لحماية عائلتك، والذّود عن شرفها وعِرضها ، والدفاع عن عشيرتك وأهلك وأبناء قبيلتك .
-ماذا يا أمّاه..؟.. قال لها في شدوه .

نعم، إصغَ إليَّ جيّداً لِمَا سأقوله لك يا بنيّ، لقد إشتريتُ لك أمس من “سُوق الإثنيْن الخاص بالنّساء” الكائن بالقرب من “وادي غيس” بندقية مُستعملة من نوع “تاخميست” ذات فوهةٍ واحدة ، وعليك أن تتدرّب عليها منذ الآن كلّ يوم لتُجيد الرّماية، وإتقان التسديد بأقصىَ ما يمكن من الدقّة .
ظلّ الفتىَ مشدوهاً، وهو يرى أمّه تُسرع الخطىَ مهرولةً إلى غرفتها ، ثمّ سرعان ما عادت دون تأخير وإستقدمت معها بندقية بالية تبدو عليها آثار القِدم،ولكن منظرها مُبهر ورهيب، وقالت له وهي تمدّها نحوه :

إمسك يا بنيّ ، هذه منذ الآن بندقيتك ،أعود وأقول وأؤكّد لك مرّةً أخرى عليك أن تتعلم فنَّ الرّماية جيّداً ، وأتمنّى أن أراك في يومٍ قريبٍ من الأيام وقد أصبحت شيخاً من شيوخ الرّماية في قريتك.

أمسك “مُوح” بالندقية التى ناولته إيّاها أمّه بشعور ممزُوج بالفرحة والإنبهار، وصار يتأمّلها في فضول، ويتفحّصها باندهاش وكأنّه في حلم..” (يتبع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى