أدب وفن

قابل للاشتعال…/ بقلم الشاعر منهل مالك -سورية

قابل للاشتعال…

خيولُ النارِ في حطبِ الأنام
تصهلُ كأزيزِ مرجل
تسوسها ريحٌ ولا تترجل
تعرفُ جيداً طريقَ اليباس
وقودها الحجارةُ والناس
كلُّ شيء في هذا الحطام
قابلٌ للاشتعال

مثلاً..
ـ جذعُ نخلةٍ
على مفترقِ طرق
يشتعلُ رأسها باللونِ الأحمر
ـ فزاعةٌ من قش تقف بجانبها
تهشُّ قطيعَ السيارات
وتصفرُ كطنجرةِ بخار
ـ مئذَنة أشبهُ بمدخنة
يعلوها عرجونٌ قديم
يتسلّى بعدِّ الأموات
ـ طريقٌ مُعَبّدةٌ
بالإسفلتِ والكبريت
تتدافع عليها أعوادُ ثقاب
ـ بائعُ حلوى يطلقُ النارَ على الذباب
ـ بائعٌ آخر يطلقُ الشتيمة
ويعد حبات الفستق المحروقة
.
.
شجارٌ ـ سُباب
تزاحم على “السرافيس” المحمومة
ووجوهٌ كالحةٌ كظيمة
أشبهُ بمقلاةٍ على النار
مضاربة ـ تلاطم
على فتيلِ الرصيف
ظلالٌ تمرُّ بظلال
حَجَرّي صوان يطحنان شرار
ويكفُرانِ بالدولار
/تَعِبَ الصوان…/

شيءٌ ما مُخيف
شيءٌ ما مُريب
شيءٌ ما في هذه المدينة يشتعل
أشتمُّ رائحةَ نسيس
والأرواحُ الكليمة.. هشيم
وراء الأكمة…
ما وراءَ الأكمة ؟
.. غضبُ الفخار
ما أشهى الوراء
وأثداءٌ تُرضعنا
تعرفُ جيداً
كيف تُخرجنا من هذا الجحيم
و تعتقُ رقاب الصلصال
…مازلتُ رضيع من تحتِ رماد
يأملُ بالربيع
مازلتُ رضيع…
أبحثُ عن انثى
تبيعُني فنجانَ شهوة
لأبقى على قيدِ أمل
تخذلني المحفظة كعادتها
ويرجِعُ الخيال
بخفي حنين وحبة اسبرين
/تَعِبَ الطين ـ تَعِبَ الانتظار…/
والنار ماتزال
تنفثُ دخاناً وكآبة
تصلي للسماء
صلاة استسقاء
تُناشِدُ سحابة
ما نفعُ الابتهال
والغيمُ أحجّم
والبرقُ أبّكَم
ولا إجابة

يمرُّ من خلالي بائعٌ جوال
أشتري “ورقةَ يانصيب”..
وأمضي كبائعةِ الكبريت
أشعل أعواد الأحلام
حتى يومِ ثلاثاءِ الخيبة

حاذروا..
كلُّ شيء في هذه المدينة
قابلٌ للاشتعال
حتى هذا البحر
وتلك الغيمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى