إقبال الشايب غانم مكرّمة في جناح ”منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” ضمن المهرجان اللبناني للكتاب-أنطلياس
في اليوم العالمي للمرأة 8 آذار كرّم “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” الأديبة إقبال الشايب غانم في احتفال أقامه في جناحه في المهرجان اللبناني للكتاب في أنطلياس، في حضور مجموعة من الأصدقاء، شاركت فيه رئيسة المنتدى المهندسة الشاعرة ميراي شحاده التي ألقت كلمة من القلب اثنت فيها على مسيرة الأديبة إقبال الشايب غانم الطويلة في مجالي الأدب والنضال في سبيل رفع شأن المرأة وقدمت لها درع المنتدى. في ما يلي كلمة الأديبة إقبال الشايب غانم في المناسبة:
أعبر عن شكري وامتناني للأديبة الصديقة المهندسة ميراي شحادة حداد المميزة بإحساسها المبدع الثاقب، لتكريمي على منصتها الناشطة.
السيدة ميراي تجسد تحقيق كل ثمار نضال الرائدات المخلصات في ميدان المرأة: هي حاملة شهادة في الحقل الهندسي وناشطة ثقافية مؤمنة بهذا العمل الإنساني الهادف وهي إنسانة واثقة بنفسها وبخطواتها وعلامة فارقة بإنجازاتها على كل الصعد . بوركت جهودك أيتها الصديقة المميزة.
________________________________________________________
لولا ابتساماتٌ على ثغرِ الوفاءْ
لانسكب جهدنا هدراً كما الثناءْ
فالمال والمجد يزهران ريثاً
للحبر والحب خُلداً يأتلق البقاءْ.
ابتدأت الكتابة باكراً وكانوا في المدرسة يقولون لي: ابنة أبيك. والدي فؤاد الشايب” رائد القصة القصيرة بمفهومها الحديث، كذلك فعل صديقه وزميله على مقاعد الدراسة والجامعة، توفيق يوسف عواد بكتابيهما: تاريخ جرح والصبي الأعرج.
في مطلع الشباب، أصبحت مسيرتي ثلاثية الأبعاد: البعد الأول والاساسي هو الكلمة والأدب وقد تخصصت في الأدب الإنكليزي. البعد الثاني، قضايا المجتمع المتردي وتهميش المرأة وقضاياها. والبعد الثالث، القضايا الوطنية برعاية د. سليم الحص ضمير لبنان والعرب، أصبحت جزءاً من منبر الوحدة الوطنية (القوة الثالثة).
اليوم هو اليوم العالمي للمرأة ولذلك سأركز عليه وكنت أقول دوماً لا يكفي ان نحتفل بالمرأة يوماً في العام وننساها بقية الإيام.
التقيت في منتصف التسعينات، في ندوة ثقافية أدبية، الدكتورة آمان كبارة شعراني وماجدة الخطيب والمناضلة ليندا مطر والدكتورة نور سلمان. دعتني بعدها الدكتورة شعراني للاجتماع معها وكانت تحاول إحياء المجلس النسائي اللبناني بعد تشتيته وتوقفه بسبب انقسامات الحرب الأهلية.. وأول خطوة قمت بها في هذا الإطار، ضمن جمعيتي، ولاقت استحسانا، جمع كل الجمعيات النسائية اللبنانية في لقاء ودي وحواري منبري والذي تخلله حفل غداء في الغولدن بيتش، وكانت المصالحة الكبرى.
لاحقاً، عام 1995 دعينا إلى المؤتمر العالمي للمرأة في الصين، وقد رحبنا كمنظمات مدنية باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي اعتمدت أممياً في السبعينات.
للأسف الوفد الرسمي، تحفظ خصوصاً على المادة 16 والتي تنظم الحقوق المدنية تحت مظلة قانون موحد للأحوال الشخصية اللبنانية وهذا طبعا من مصلحة النساء وكل الوطن. رغم كل نضالنا لتحقيق هذا الحجر الأساسي لبناء الوطن إلّا أن الطبقة الحاكمة مع الطبقة الدينية انتصرت للأسف…
كتبنا واعترضنا ونشرنا لكن لا حياة لمن تنادي…
على مدى عقدين من الزمن وكنت وقتها المسؤولة الثقافية-الإعلامية في الهيئة الإدارية ونائبة الرئيسة للمجلس النسائي، كتبت آلاف الرسائل والنشرات والبيانات… وقمنا بنشاطات نسوية عديدة منها معرض كتاب تحت عنوان “المرأة: ما كتبت وما كُتب عنها”، ثم معرض رسم للمبتدئات والمتمرسات. وكنا في صدد إصدار مجلة لكن الأحوال المادية حالت دون ذلك…
أسماء كثيرة من الرائدات، ترد الى ذهني اليوم: لبيبة هاشم، عفيفة كرم، مالكة سعد، سلمى الخالدي، عنبرة سلام التي نزعت حجابها اعتراضاً على أوضاع المرأة المزرية وتعنت رجال الدين، سلمى الصايغ، ابتهاج قدّورة ، ماري عجمي، مريانا مراش، هدى شعراوي… معظمهن كاتبات من كل المنطقة العربية. الجامع المشترك بينهن مظلومية المرأة وإهمال قضاياها خصوصاً أنها حرمت من التعليم وإبداء الرأي في إدارة شؤون منزلها ووطنها.
وعت هؤلاء النساء الحكيمات الرائدات منذ أوائل القرن الماضي أهمية دور المرأة على كل الصعد وحذرن من خطر تهميشها وعملن بكل إخلاص وجهد وتفان وبذلن الغالي والرخيص في هذا المضمار. ونجحن في بعض الخطوات، أهمها تعليم المرأة واحترام حقوقها وعلى رأسها حق الترشح والانتخاب.
لم تكن آنذاك قضية المرأة مهنة بل كانت حكاية نضال صادق وشريف، حكاية التزام جدي مجبول بالإيمان والإخلاص والأخلاق.
لم تكن آنذاك قضية المرأة تقليعة أو موضة يسوق لها الغرب ونتبعها مستفيدين ومتسلقين سلالم الوصول (وهنا لا أشمل الجميع)، بل كانت متجذرة في مفاهيم مناضلات حقيقيات رائدات عرفن معنى الظلم والتهميش والمعاناة وناضلن من أجل إنصاف المرأة، إدراكا لأهميتها في نهضة المجتمع وتعافي الوطن.
ونسمع من يقول اليوم: ماذا تريد المرأة؟ هي حصلت على كل شيء، حتى أن الرجل هو المظلوم وبحاجة لمن يحصّل حقوقه… (طبعا، نحن مع المظلومين من كل الاجناس ومع الشراكة). هؤلاء وللأسف، يعتقدون أن حرية المرأة هي في حرية التسوق وقيادة السيارات وزيارة مراكز التجميل والسهر والسفر ولا يعرفون أن هذه الأشياء حلت مكان الخلاخل والقيود لتكبيل المرأة بعصر جديد من العبودية الاستهلاكية.
ونقول إن التحرر يبدأ بالعلم، ويشرفنا أن نقول إن بفضل النساء الرائدات، وصلت مستويات علم المرأة حسب دائرة الإحصاء المركزي عام 2009 الى أكثر من 85 % للفتيات وحوالي 70% للفتيان.
على أمل أن تستعيد الحركة النسائية طاقاتها الإنمائية المخلصة لتحصيل كامل حقوق المرأة، لتصبح كما قال المفكر هشام شرابي: هذا هو الفتيل الذي يشعل المجتمع الأبوي القبائلي المتخلف من الداخل!
_______________________________________________________
إقبال الشايب غانم، أنطلياس، 8 آذار 2024.