الشاعر انطوان شمعون يقرأ في كتاب: ” رسالة إلى السيّد شلومو” للشاعر مارون أبو شقرا

الشاعر والمفكّر انطوان شمعون يقرأ في كتاب: ” رسالة إلى السيّد شلومو” للشاعر مارون أبو شقرا
أخطأ ” أبو تمام ” وأصابَ ” أبو شقرا “
لا يا أبا تمَّام … ليس “السيفُ أصدق إنباءً من الكتب” والدليلُ على ذلك أن الدولة العباسية وسيوفَها زالت وقصيدتك لن تزول…وتزول أممٌ وممالكُ وتبقى الكلمة الملكة.
اما الدليلُ الآخرُ فهذه الرسالةُ من مارون أبو شقرا إلى السيِّد “شلومو” والذي يبرهن فيها الكاتب وبالدليل العلمي القاطع ، أن السيفََ الذي وقع بين أصحاب الأرض والغزاة منذ عشرات العقود وحتى يومنا هذا ، لم ولن يحلَّ المشكلة ، لا بل سيفاقمها إلى ما لا نهاية…وما يحصل اليوم خيرُ دليلٍ …والآتي أعظم. وما هذا الكتاب إلا دعوة للاحتكام إلى العقل والفكر، بديلاً عن الغريزة والعصبية ، كوسيلةٍ لوضعِ حدٍّ لهذا التعدي السافرٍ غيرِ المسبوق في التاريخ الحديث…

ولن أسترسلَ في استعراض مضمون هذا الكتاب القيِّم، بل سأترك لكم متعةَ الإبحارِ والوصولِ على متنه، بمعيِّة هذا الربَّان العتيق مارون أبو شقرا.
وأكتفي بالتأكيد على أن العِبرةَ من هذا الكتاب اثنتان :
-الأولى أن هذا الكتابَ دعوةٌ إلى “كلمة سواء” لحل هذا الصراع التاريخي. فهو من حيث الشكل والعنوان والمضمون، رسالةٌ إلى من يمارس الظلمَ والعدوان ، ودعوةٌ واضحة إلى الإعتبار والرجوع عن الخطيئة الكبرى.
-العِبرة الثانية ، أنَّ هذه الرسالة تخلصُ إلى حلٍّ لهذا الصراع ، يقضي بأن يعود الغاصِبُ إلى أرضه. وبهذا يكون مارون أبو شقرا قد كتب “سِفرَ خروج ” ثانياً لهذا الشعب “الموعود” يدعوه فيه وبصراحة الواثق، إلى الخروج وهذه المرة من” أرض السلام” وتركها لأصحابها كحلٍّ لا حلَّ آخر سواه ، بعد أن ثبتَ بالدم المشهود أن السيفَ لم ولن ينفع ، بالرغم من اختلال موازين القوى بين المتسايفين…
(مع تحفظي طبعاً على أخطاء وارتكابات أصحاب الأرض الأصليين الذين استباحوا أرضَ غيرِهم كما في لبنان على سبيل المثال لا الحصر ، وما زالوا يستبيحونها حتى اليوم، فارتكبوا بذلك المعصيةَ نفسَها التي ارتكبها غزاةُ أرضهم ، على قاعدة في علم النفس مفادها أن المتحرَّش به قد يصير هو بدوره متحرِّشاً…. وللأمانة فإن مارون أبو شقرا قد تطرَّق إلى هذه المعصية في نهاية رسالته على قاعدة : أن تتمنى لغيرك ما تتمناه لنفسك…. وبذلك تكون رسالة أبو شقرا موجهة لكل معتدٍ مهما كانت هويتُه ، وهذا يدلل على علمية وموضوعية الكاتب. )
صديقي القارئ
سوف تجد في هذا الكتاب لقيَّتين : الأولى هي مضمون الكتاب من حيث هو مقاربة جديدة للصراع، والثانية هي مارون نفسه ، مارون المتعدِّد ( الشاعر المفكِّر في السياسة والدين والفلسفة) ، لكن ليس على الطريقة اللبنانية أي أن تعرفَ بعضَ الشيء من كل شيء فتفسد كلَّ شيء ، بل أن تعرفَ كل شيء عن الشيء الذي تتناوله ، وذلك احتراما للذات وللمتلقي وللحقيقة.
أمَّا أكثرُ ما لفتتي في كتاب مارون هذا ، وانطلاقاً من تجربتي الفلسفية المتواضعة، فهو هذا المنحى الفلسفي في فكر مارون أبو شقرا، وقد تجلى في ثلاث :
-منهجية بحثِه المُحكَمَة وخلوصه إلى نتائج راسخة انطلاقا من مقدمات دقيقة.
-ثقافته الفلسفية وتحديدا في فلسفة التاريخ.
-مقاربته ومقارنته للأديان على ضوء فكرٍ فلسفيٍ صارمٍ لا يقبل التدليسَ ولا المحاباة.
-حياديته العلمية إلى أقصى حدود بعيداً عن أيِّ إيديولوجية قومية أو دينية أو فكرية…
-جرأته في اتخاذ موقف واضح من المسألة.
أصدقائي
ستجدون في كتاب مارون كلَّ مارون :
مارون الهادئ الصاخب على دراية ووعي.
مارون اللمَّاح الوضَّاح على كياسة ودماثة.
مارون المليء على انحناء.
مارون الشاعر الذي لا يجرح خاطرَ وردة حتى ولو أدماه شوكُها… فأنتَ لن تجدَ في كتابه كلمة نابية أو مصطلحا مستفِزا لأي فريق أو ديانة ، كما يخلو خطابه من كل أشكال العنتريات والتفنيص التي اعتدنا عليها.
أصدقائي
أعترف أمامَكم أنني في محبتي لمارون لم أكن موضوعياً ولن أكون ، بل كنت مغرِقاُ في الذاتية ، أما في تقييمي لكتابه فقد كنتُ أميناً على روحِ العلمية والموضوعية ، وفاءً لها من جهة ، ووفاءً لمارون نفسه ، المؤتمن عليها ، من جهة ثانية.
صديقي مارون ،
كلمتُك السيف الذي توغَّل وما جرحَ
كلمتُك السيفُ الذي متى استُلَّ فلن يَنغمِدَ…
انطوان شمعون…
Antoine Chamoun
يوقع الشاعر كتاب ” رسالة الى السيد شلومو في معرض انطلياس
للمزيد من المعلومات في البطاقة ادناه
