وصل دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية فتبدلت المقاييس حول العالم …

وصل دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية فتبدلت المقاييس حول العالم …
انطوان يزبك*
مع بداية أحداث لوس أنجلوس من شغب و عنف وسرقة محال تجارية وتكسير زجاج وكأن حربا أهلية وشيكة الوقوع ، يبدو للمراقب أن العنف الذي بدأ هناك هو عنف عرقي وطبقي ؛ فمع بداية تطبيق حملة اعتقال المهاجرين غير الشرعيين ؛ ومن بينهم الكثير من سكان جزر الكراييب و الفنانين خاصة من بينهم مغني( الراب ) ، نشعر أن إدارة ترامب تلعب لعبة القمع المبرمج ، و تشبه خططها إلى حد بعيد ثورة ماو تسي تونغ الثقافية فترامب يتعمّد مهاجمة المفكرين والمثقفين و أساتذة الجامعات والمؤسسات الثقافية ؛ وما استهداف مغني( الراب) الذين يؤثّرون جدا في الجماهير سوى دلالة كبرى فهم نذير العصر الحديث من دون ريب .
أشياء كثيرة تتغير في العالم : صراع الثقافات ، العلاقات الدولية ، سياسة العالم الاقتصادية ، هناك من يقول أنه من المبكر الجزم ولكن ثمة من يعتقد أن الخطط موضوعة وبدأت مرحلة التنفيذ ، والدليل على ذلك أفول نفوذ بعض الدول في السياسة العالمية بعد أن كانت في المرتبة الأولى وها نحن نتجه على ما يبدو إلى حكومة العالم الواحدة والجيش الدولي الواحد ولكننا لا نعرف ما إذا كان سوف يحكم هذا العالم رجل واحد أم مجلس من السياسيين المتنفّذين الذين سيكون بيدهم مصير العالم وحياة وموت الشعوب خاصة تلك المغلوبة على أمرها والأقليات المهددة بالإبادة و التي لا يعبأ بوجودها أحد .
يلاحظ أيضا أن المزيد من الأمريكيين باتوا يسعون في طلب الجنسية من دول أنجلوساكسونية أخرى وهذه سابقة فمنذ تولي دونالد ترامب الحكم في كانون الثاني من هذا العام، ارتفع عدد طلبات الجنسية البريطانية من أشخاص يعيشون في الولايات المتحدة بنسبة 28٪ مقارنةً بالفترة عينها من عام 2024. وقد سجلت الإدارة البريطانية عددًا قياسيًا من طلبات التجنيس المقدمة من مواطنين أمريكيين خلال الربع الأول من عام 2025 (من كانون الأول إلى آذار ).
فقد بلغ عدد الأمريكيين الذين قدموا طلبات للحصول على الجنسية البريطانية 1931 شخصًا، وهو الرقم الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات في عام 2004، مما يمثل زيادة بنسبة 12٪ مقارنةً بالربع السابق. ووفقًا للبيانات التي نشرتها وزارة الداخلية، فقد بدأت هذه الظاهرة بالفعل بين تشرين الأول وكانون الأول من 2024، وهي الفترة التي تزامنت مع إعادة انتخاب دونالد ترامب.
أمّا ما هو سبب هذه الزيادة؟ يُعزى التهافت على طلبات التجنيس البريطانية القادمة من الولايات المتحدة إلى عاملين رئيسيين:
عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بصفته الرئيس الـ47، بالإضافة إلى سلسلة من الإصلاحات الضريبية التي تم تطبيقها مؤخرًا في إنجلترا.
من بين هذه الإصلاحات، إلغاء وضع “المقيم غير المُقيم”، وهو نظام عمره يقارب القرنين من الزمن، فشكل نقطة تحول. هذا النظام كان يتيح للمغتربين دفع الضرائب فقط على الدخل المكتسب من مصادر بريطانية، دون شمول الدخل القادم من الخارج. ويُعتقد أن إلغاء هذا النظام دفع العديد من المقيمين الأمريكيين في المملكة المتحدة إلى تأمين وضعهم القانوني طويل الأجل عبر طلب الجنسية البريطانية. ومن خلال الحصول على هذه الجنسية، يمكنهم الاستفادة من حقوق إجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم الحكومي لأطفالهم بتكاليف أقل.
هذه الظاهرة جزء من حركة أوسع. فبحسب تقديرات مكتب الهجرة البريطاني، ارتفعت طلبات التجنيس بنسبة 6٪ على المستوى العالمي بين عامي 2023 و2024. إلا أن المواطنين الأمريكيين تميزوا بشكل واضح: فقد قفزت طلباتهم إلى إنجلترا بنسبة 12٪ في الربع الأول فقط من عام 2025، وبنسبة تقارب 40٪ على مدار العام 2024-2025.
وفي مقابلات مع شبكة CNN، صرّح العديد من الأمريكيين برغبتهم في مغادرة الولايات المتحدة على خلفية التصريحات الأخيرة لدونالد ترامب. وقالت جيسيكا سيلورا، وهي معلمة من ولاية كارولاينا الشمالية:
“سنغادر هذا الفوضى فورًا… أمريكا التي عرفناها ونحن نكبر ستصبح قريبًا مجرد ذكرى بعيدة.”
من هم أبرز المغادرين؟ من أبرز الفئات التي تسعى لمغادرة البلاد نذكر الأثرياء ماليًا، وكذلك أفراد مجتمع الميم (LGBTQIA+)، الشذاذ من كل الأجناس والفئات والذين يشعرون بقلق بالغ إزاء التغيرات في المناخ السياسي والاجتماعي، واحتمال خسارة المكاسب الاجتماعية التي حصلوا عليها في ظل الحكومات السابقة. ونحب أن نذكر أن الديكتاتوريات لا تتهاون مع المثليين لا بل تضطهدهم تسجنهم وتعدمهم ؛ في كل العصور وفي كل مكان على الأرض منذ نشوء الأنظمة الديكتاتورية .
ولم تقتصر موجة الهجرة على إنجلترا فحسب، فقد شهدت أيرلندا المجاورة أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا في الطلبات. فمنذ شهر تشرين الثاني 2024، وهو شهر إعادة انتخاب ترامب، تم تسجيل ما يقرب من 3700 طلب للحصول على الجنسية الأيرلندية من مواطنين أمريكيين، وهو رقم قياسي تاريخي.
وفي الفترة ذاتها، شهدت عمليات البحث على Google غوغل من الولايات المتحدة عن عبارات مثل “الجنسية الأيرلندية عن طريق النسب” أو “كيفية الانتقال إلى أيرلندا” زيادة كبيرة، مما يعكس رغبة متنامية لدى بعض الأمريكيين في مغادرة البلاد.
وتتوقع الحكومات الناطقة بالإنجليزية أن تستمر هذه الظاهرة في التصاعد خلال الأشهر المقبلة، تماشيًا مع إعلانات ترامب وسياساته الجديدة. من جهته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أن الحكومة البريطانية ستشدد شروط الهجرة القانونية وستطيل فترة الانتظار قبل أن يتمكن الوافدون الجدد من التقدم بطلب للحصول على الجنسية.
أخبار قد تكون عادية ولكن هل ستشهد أوروبا هجرة عكسية من أميركا ، هل سيعود بعد قرون المواطنون من أصول أوروبية انغلوسكسونية إلى بلاد انتقلوا منها من ثلاثمائة سنة؟
نأمل يوما ما أن تبدأ الهجرة المعاكسة من أمتنا ويغادرها من أتوها غزاة كي تعود الأرض إلى أصحابها الحقيقيين ، ويعود إليها أهلها الذين هجروا منها جورا وظلما.