أدب وفن

قراءة نقدية حول “حديث الأريج”للشاعرة حنان شبيب بقلم الناقدةالتونسية سامية البحري


الناقدة و الباحثة سامية البحري

اقرا وتأمل وعانق
تصدير : لا يستطيع إنسان أن يكشف لك عن شيء إلا إذا كان غافيا في فجر معرفتك ( جبران خليل جبران )
الإهداء : إلى التي إذا عانقت ظل معبدها..أصبحت من مريديها، وإذا بحثت عن الحكمة في دربها. .عطرتك بالمحبة والحنان ..ثم قادتك إلى عتبة فكرك أنت ..إلى الشاعرة العذبة والمرأة التي أجل حنان شبيب.
في رحاب حديث الأريج :
للقصيدة قافية ..وحنان قافية الوطن والعطر والقهوة
حديث الأريج. .موسيقى الروح
حينما تهطل كحبات اللؤلؤ. . تسقي مني الوريد ..
يباغتني القدر بأجمل الأمنيات
وأسائل الروح ..أيصالحني زمني
وأنا أمتطي خطواتي ..لا شيء يراودني عن صمتي ..
أتأبط آهااات قد علقت بالصدر
منذ هبط آدم إلى الأرض. .
وقبل أن تهمس له حواء بطعم التفاحة ..
كان آدم يعشق التفاح ..
لم يتماسك أمام تلك الرائحة التي تصله بالامنيات..
ويتفتح ثغري كوردة يغازلها الندى
ثمة عطر يسبقني ..يدعوني إليه
ارتحلت في دروب العطر ..
ثمة عالم بكل الألوان. .
ثمة الوطن ..والقصيدة ..العشق …
التنهيدة..
والبن وعالم القهوة التي تنتشر عبيرا في عالم الأريج ..
وللقهوة والفنجان حكاية أخرى مع حنان ..
إذ تتحول إلى ملحمة ..ملحمة تتحدى عوليس في الاوديسا وآخيل الاغريقي وهكطور الطروادي في الالياذة ..
لم نعد نحتاج إلى جلجامش ليقيم الملاحم و الفتك والقتال الشديد ..
هناك تكوين جديد ..وطقوس جديدة ..وتصبح القهوة حالة صوفية تتطلب التجلي والكشف والمكاشفة ..
لها مريديها وعشاقها..وروادها..
ولها سرها وسحرها ..
“حالة حب صوفية لها طقوسها وتجلياتها العميقة. .بخارها الأنيق الضبابي يؤدي رقصة الشفافية الروحية فمن الهيام إلى الأحلام ”
وتتشكل الكلمة كطفلة الماء ..تعشق الطهر والنقاء والضياء ..
وتهمس الشاعرة في تجل رهيب ..
“عندي حنين يفوق الحنين “
كيف يكون القلب …؟؟
قطعة جمر ..تكوي بين الاضلع
فيولد العشق سرمديا..
خرير يسري في العروق ..
وهمس في تجاويف القلب ..
والعشق حكاية أخرى. .وفلسفة عجيبة. .
وعندما تكون المرأة هي العاشقة
وهي الشاعرة ..
حتما تتوحد مع القصيدة
وتتعرى أمام نهر الكلمات ..لتنهل من مفاتنها عذاب المعاني
عندما تعشق المرأة تعبق عطرا
وحروفا من بريق
عندما تعشق المرأة تغدو صبحا
رائع القسمات
ريان شفيق
عندما تعشق المرأة تسيل أنهر العطاء
ويسيل السحاب جودا وسخاء
ومن هنا تغدو القصيدة هي الحياة
وإن الحياة دون شعر ليست جديرة أن تعاش”
وعلى وقع حبات المطر غنت..ترنمت..
“كان البرد دافئا وكانت الأحاديث كالارض خصبة “
وفي عمق الأمل تعلن دعوتها للوجود ..تخرج علينا نبية برسالة قدسية
اقرا. . وتأمل ..وعانق. .
وأشد على دعوتها ..أن اقرا وتأمل وعانق ..نعم
ويباغتني الزمن ..فالزمن ليس هو الزمن ..
في زمن الكورونا ..لا تعانق ..
فقط عانق ..الكتاب ..وحده الكتاب لا يؤذيك ..ولا يسرب فيروسات قاتلة
كلما عانقته ازددت ألقا وحبا وعشقا وابداعا..
وهي دعوة /نبوة في زمن يحترف المواجع والفواجع. .
وهكذا يكون الشعر عندما تحمل لواءه امرأة. .امرأة في حجم حضارة
في الشعر وبالشعر يمكن أن تكون المرأة نبية. .فتسقط كل تلك الثوابت ..وتزعزع المألوف. .
بالشعر وفي الشعر فقط يمكن أن نقول وان نتمرد..وأن نبني عالما جديدا ..بكائنات جديدة ..ونظام جديد ..
ذاك هو التجلي الروحي والفكري
الذي تؤسس له الشاعرة العذبة حنان شبيب منطلقها تلك الروح الشفيفة التي تسكن بين الضلوع ..
وسندها ذاكرة شعرية مشحونة بالاولين الذين صلوا في محراب الشعر وما اعتنقوا سواه..
وإن قيمة الإنسان تقاس بحاجاته الروحية ورقيه وتخلصه من المادية القبيحة والايديولوجيات الفضفاضة والاختلافات الدينية والطائفية المقيتة والصراعات الفتاكة
وبحثه عن النور الذي يهتدي به إلى الجمال. .
وليس أعذب من نهتدي بالشعر إلى الشعر ..فيتشكل الجمال في تعالق مع العطر والموسيقى في حديث الأريج. .
أ و ليس الحديث تراتيل تنساب من تجاويف الروح لتنصهر في تجاويف هذا الكون وهذا الوجود الشاسع الجميل ..
إذ نرى الله في كل مظاهر الخلق ممتدا بين السماء والأرض
يستعصي الإمساك بتعريف دقيق باللغة وفيها ..لمحاصرة ذاك الامتداد الرهيب ..
والشعر عالم من تلك العوالم الممتدة
يتشكل باللغة وفيها
كلنا يعشق الشعر وبعضنا يؤلهه..
ونقتات منه ..نتنفس من أريجه
نحترق في معبده..ثم ننتفض كطائر الفينيق
ولا بدع فنحن من سلالة قوم هم “إذا مات منهم شاعر قام شاعر ”
وكم جميل أن نهتف مع سيدة العطر
لي الشعر..لي النثر
لي الكلمات أجد لها كما البدر
لي الاصباح إذ أسفر
وطير الفجر إذ يشدو
وإذ ينقر
فمن مثلي؟
تغازل شمسها أرضي
وأنثره فتيت المسك والعنبر
سلاما أيها الشعر ..كمثل العطر بل أعطر
سلاما سيدة العطر
سلاما يا امرأة في حجم حضارة
الشاعرة العذبة حنان شبيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى