قصائد وكلمات كوكبة من أهل الأدب تحية و تكريما للشاعر الراحل حسّان حسّان
الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطىء الأدب و شقيق الشاعر الراحل
يا سيدي الموت
من أين يأتي اليَّ الصبر والجلــدُ
و القلب اعيا هواه الفقدُ والكمدُ
والـــروح في هـــمّها الأعتى
تســـــائلنـــي
إذا تغيبُ بمنْ يستنجدُ الجسدُ
كل التفاصيل صارت محضَ أحجيةٍ
لو يصمتُ البحر ماذا ينفع الزبدُ
هيهاتَ يا ريحُ
يا أشجارُ يا سفنٌ
عن هدأةِ الشــطّ نحو الأفقِ تبتعـدُ
الكلُّ حـولي يرى حزني
يلاطفنـي
وكم أحاولُ في النسيان أجتهدُ
لكـنّ قلبـي حروفُ الآهِ تكتبــهُ
وقطرة الصبرِ في العينين تتقــدُّ
يزورنا المـوتُ أحياناً يجمّعنـا
على البكاءاتِ
بالأحبابِ ينفـردُ
وليس يدري بأنْ من راحَ يأخذنا
نحـو المتاهاتِ
والباقونَ لا أحدُ
يا سيدي المـوتُ لو أمهلتَ أدعيتي
بعضاً من الوعدِ كي يأتي الذي وعدوا
لو كنت تصبرُ لو وقتاً وأمنيةً
ليحضرَ الزوجُ والأحفادُ والولدُ
لو رَمشتينِ
ولو نهراً وداليــةً
لو كلمتينِ من الأشــواقِ تبتردُ
لو بضـعَ سطرٍ لكي يخلو بجملتهِ
ويكملُ الشطرَ فيه الشعرُ والخلدُ
يا سيدي الموتُ
كم تقسـو وتجرحنا
أليس عندكَ أهلٌ ..
إخوةٌ
بلـــدُ
ألا تخافُ على إبنٍ
على امرأةٍ
على البنات اللواتي دمعُها بــددُ
لو أنني الميْـتُ كنتُ ارتحتُ من وجعي
على الشقيق الذي في كفّـهِ الأبدُ
كنتُ اســترحتُ إلى نومي وقافيتي
وقلت للشعر كن بعدي إذا ابتعدوا
أشكوكَ للهِ قلبي بات يجهدني
ودمعتي اليومَ دربي
والسرابُ يـــدُ
غداً ألاقيكَ حين الوقتُ يدهمني
تكون فرداً وإني الجمعُ والعددُ.
الشاعر مصطفى سبيتي
الى روح الحبيب الشاعر حسان محمد حسان ( أبو نضال ) :
يُترّكُنا الأرحام شوقٌ الى المنى
فنهلك شوقاً كي نعود لِما كُنَّا
ونصحب دهراً يُسْلمُ الصحبَ للردى
ووهْماً بنا يحيا ، ونحن به نفنى
ونُبْرِمُ عقداً نحن والموت وُفْقَه
تظلُّ بكف الموت أرواحُنا رَهْنا
تسيرُ بنا أقدامنا وُجْهةَ الفنا
وتحملُ أمواتاً جرى دمُها سُخْنا
نواري ضحايانا وآمالنا الثرى
وتَشرُكنا أحلامُ مَن ندفنُ الدَفنا
نحاول أوهاماً ومن بعد خوضنا
سجالاً مع الدنيا ، بخيبتنا نُمْنى
فذا الكون آلامٌ ويأسٌ بلا رجا
ومسعى بلا مرمى وعيشٌ بلا معنى
طوى شاعرا خلف القوافي فزادنا
على حزننا مما نعاني به ، حُزنا
كريمٌ أبيُّ النفس يُسراه إن أتت
بجودٍ لوجه الله لا تعرفُ اليمنى
وذو طِيبة رهْنَ التُقى لو رمَيتَه
بحقدٍ حنى حُباً . وسُوءٍ حوى حُسنا
خلائقُه والوجهُ وهْجانِ أشرقا
فكدنا نرى للشمس مِن مثْلِها مثنى
يصادقني ما صادقَ الأنجُمَ الدجى
ورَطبُ النسيمِ الوردَ والهمسةُ الأُذنا
يحاورني حتى أساويه بالحجا
فيُكسِبُني غُنماً وأُكسِبُهُ غبْنا
يُبالغ في حُبي كأنه لي أبٌ
وتأسرني الحسنى فأُمسي له إبنا
الشاعر جميل داري
حسّان حسّان في ذمّةِ الخلودِ
( جميل داري )
جالستُهُ مرّةً كم كانَ محترَما
نهلتُ بسمتهُ كم كانَ مبتسِما
…
رأيتُ في وجهِهِ أشذاءَ داليةٍ
تقدِّمُ الكَرْمَ منذُ طلوعِ الفجرِ والكَرَما
…
حسّانُ يعني اسمُهُ حُسْناً على حَسَنٍ
يُضفي على مَن نأى أو مَن دنا النّعَما
…
ما زلتُ أذكرُ في بشامونَ طلعتَهُ
ويملأُ الجوَّ في عليائِهِ نغَما
…
فروحُهُ لم تزلْ في الرّوحِ باقيةٌ
وذِكْرُهُ من نيوبِ الموتِ قد سلِما
…
الموتُ أعمى فلو قد كانَ أبصرَهُ
لراحَ في دربِهِ المرسومِ منهزِما
…
لكنّهُ قدرُ الإنسانِ قاطبةً
من كانَ ذا قِيَمٍ أو خاصمُ القيَما
…
قد كنتُ أحلمُ أنْ ألقاهُ ثانيةً
لكنّهُ قد أذاقَ الحالمَ الألَما
…
الموتُ ليسَ يرى الأحزانَ تحرقُنا
فلو رآها لما أودى وما ظلَما
…
وعصمتٌ شاعري المحبوبُ خيرُ أخٍ
كلُّ العزاءِ لهُ.. للشِّعرِ قد عَظُما
…
صبراً بشامونُ.. إنّ الموتَ يقتلُهُ
صبرُ المحبّينَ.. فصبراً يبلغُ القمَما
…
لبنانُ كم من عظيمٍ قد نُكبْتَ بهمْ
هذا شهيدُكَ منسوبٌ إلى العُظَما
الشاعرة مي سمعان
في رثاء الشاعر “حسان حسان”
لا تذرِفوا دمْعا على الحَسّانِ* /
اوَليسَ حيّا في حِمى الرّحمنِ
والرّوحُ إن رحَلت فلا ضَيرٌ بها/
ما دامَ ذكرّ ناصِعَ الالوانِ
حسّان كنتَ الشّعرَ مِغْداقا به/
الوحيُ فيضٌُ الهائِمِ الْهَيْمانِ
وجْهٌ كنَفحِ الطّيبِ مُزْدَانا بِه/
والرّوحُ سَمحٌ واجِدٌ ُمتَفانِ
نَسْرٌ تهاوَى والمحبّة لمْ تزَلْ /
تَحْيَا على حُرَقٍ مع الخِلّانِ
صيتٌ تناهى ُمستطابا ُملهِما /
فانثالَ حِبر ٌ فائِقُ الذّوبانِ
ولكمْ أشادوا والمزايا جَمّةٌ /
كالبحرِ يسرُدُ قصّةَ المُرجانِ
كم واحةٍ للحبِّ في ارْضِ التّقى/
كمْ منهَلٍ للوافِدِ الظّمآنِ
اعطى كما الريحانُ ِعطْرَ فضيلَةٍ/
وترَصّعتْ بفَضيلةِ الايْمانِ
والشّعرُ يشهدُ كم تقاطَر من ُرؤًى/
كالنحلِ مُشتاقا الى الغُدرانِ
لبنانُ يرثِي قامَةً خلاّقَةً /
قلبا نجِيّا خَالدَ الخَفَقانِ .
الشاعرة ساجدة شحادة
اهداء لروح المرحوم الصّديق الشّاعر حسّان حسّان
من أينَ أبدأُ أو من أين افتكرُ
فالموتُ حقٌّ إذا ما مسّنا الضّررُ
تأتي الحياةُ على أطياف ِ من عجب ٍ
والعمرُ يمضي بسهمٍ خانَهُ العُمُرُ
أفعالُنا غرسَتْ أشجارَ موعدِنا
تُسقى بخيراتِها أشجارُكَ الخُضُرُ
تسبيحةٌ سكتتْ من رحلِكمْ وبكتْ
يشتاقُكَ اللّيلُ إذ يشدو لكَ القمرُ
إن طال َ عمرٌ وسيفُ الدّهرِ أمهلَنا
نبكيكَ عمراً ونبضُ القلبِ يحتضِرُ
مشتْ تودّعُكَ الأحبابُ صامتةً
فالموتُ حقٌّ وسُمُّ الموتِ يختمرُ
وهبْتَ عمرَكَ بالإخلاصِ تنشرُهُ
تؤرّقُ الجفنَ إهداءً لمن عبروا
يا ابنَ الكرامِ ومثلَ النّجمِ منزلةً
ما مُتَّ واللهِ بل عاشَتْ بكَ الصّورُ
إهنأْ صديقاً بجنّاتٍ يُباركُها
ربٌّ رحومٌ يُجازي النّفسَ يغتفرُ
اليومَ نسألُ من يُمسي بلا كفنٍ
من يزرعِ الخيرَ بعدَ الموتِ ينتشرُ
ترنو اليهِ قلوبُ الصّحبِ شاخصةً
والباقياتُ سمَتْ في العمقِ تزدهرُ
الشّعرُ يحلو على روحٍ تُشاطرُنا
نبكي غيابَ الذي بالبالِ قد حضروا.
الشاعرة رنة يحي
لم أعرفه كفرد عرفته كراية وطن ومئذنة شعر
وهذا أروع ما يمكن لإنسان أن يحصل
فتعازي الحّارة لكل من عرفه وأحبّه وقدّره
ولكل من لم يعرفه أقول:
فحيح الشّمس أمعن بالمغيب
الغيمةٌ عالقةٌ في السّماء
من ثقل دعوات الأمّهات
القمر ينشطر على مدار الشّهر
حرس نعشه حتى المقبرة
نظرات المتألّمين تجرح خديه
شرع الموت منجله
النّساء تنوح جميعهن
ترتّق السّماء بصوتها
لا يسمع سوى بكاء السّكون
الّليل نام على خدّه الأيمن
وجه القرنفل تجعّد أكثر
من شدة البكاء في جنازته
الدّرب صارت طويلةً
بطول بيادر قلبه
جنازة تشبه جيش الأيّوبي
تطوف القلوب والقصائد معها
نسيت طفلة ابتسامتها على وجهه
فنبتت باقة أزهارٍ
تنذر بولادته من جديد
الشاعر خالد الأعور
ما مات بس الموت نتفي زاح
شلال رافد فاضت ينابيعو
غاب عنّا شوي تا يرتاح
ملوك السما عِملو ألو زيّاح
تيكتب وحي منِ قلام صابيعو
والموت يسرق قصر عمرو ومَر
هيك القدر مكتوب اٍلو عذرو
مش كل مرجة عطر زهرا هَر
ما الزهر فاني وما فِني بذرو
الشاعر إياد أبو علي
هذه القصيدة أرفعها إلى روح المرحوم الشّيخ حسّان حسّان، رجل المكرمات والعطاء والمواقف النّبيلة، وقد سمحت لنفسي أن تكون على لسان ولده الأستاذ نضال، الّذي لم يتمكّن، هو وإخوته الموجودون في المهجر، من حضور المأتم بسبب التّدابير المأخوذة في ظروف كورونا.
— يا أبي —
يا أبي، مَنْ كَنَسيمٍ كانَ طَوْعا
سَوفَ يَمضي تارِكًا ضَوْءًا وَضَوْعا!
ويحَ قلبي غربةً … هَلْ يا أبي
قُلتَ آهًا؟ قلتَ أُفًّا؟ ضُقتَ ذَرْعا؟
أمْ لِأنَّ المِلحَ يَكْوي …خُفْتَ
أطيافُنا تُكْوَى … كَتَمْتَ العَيْنَ دَمْعا ؟
يا أَبي، مَنْ كانَ يَدري أنَّنا
كَوْكَبٌ نَحوَ هَلاكٍ قامَ يَسْعى
دُونَنا سُدَّتْ دُروبٌ لَيْتَها
أوقَفَتْ مَوتًا مَشى في الأرضِ لَوْعا
إنتَظَرنا شَعرَ ريحٍ غاضِبٍ
يَتَلوّى مِثلَ نارٍ مِثلَ أَفْعى
عَلَّ يَرمينا هُنا في بيتنا
فتُلاقينا بِوَجهٍ هَلَّ نُصْعا
فَإذا بِالرّيحِ مَرَّتْ أضْرَمَتْ
خَبَرًا قالَتْ بِهِ دَمعًا وَشَمْعا
مَزّقَتْ خَيْمَةَ حُبٍّ … كَسَّرَتْ
مَركَبَ الأشواقِ ضِلعًا فَضِلْعا
لَيْسَ فِعلًا كُلُّ فِعلٍ يَنْتَهي
دائمُ الإحسانِ يَحيا حينَ يُنْعى
كَفُّكَ المِفضالُ غَيمٌ ساكِتٌ
هَلَّ لا رَعدًا وَلا بَرقًا وَلَمْعا
حولَ مَثْواكَ سَنَبْكي في غَدٍ
هَبْ قصيدًا خَفَّ ظِلًّا شَفَّ صُنْعا
لا تَقُل: ْ “حَظّي ضَحوكٌ خدُّهُ”
رُبّما يَلقى مِنَ الأيّامِ صَفْعا
الشاعر مردوك الشامي
في رحيل الشاعر حسان حسان
اليوم اجتمعنا في دار بشامون .. لم تكن بيننا
أمثالك لا يغيبون يا أبا نضال..
قبل سنتين وبضعة أيام، وتحديدا في حفل إطلاق منتدى شواطئ الأدب في بشامون عرفته ..
رجل تسبقه ابتسامته التي تشبه حقلا وأسرابَ فراشات، رجلٌ تجاوز السبعين وفي ملامحه طفل في منتهى اليقظة والبريق..
وبحكم علاقتي بمؤسس شواطئ الأدب الشاعر والصديق الأقرب عصمت حسان، وارتباطي به مسيرة وهدفا وسعيا إلى التغيير وإحداث الفارق في المشهد الثقافي ، ازدادت معرفتي بأبي نضال ، الشقيق الأكبر لعصمت، جمعتنا كل الأمسيات خلال سنتين ، وجمعتنا جلسات خاصة إن كان في دارة العائلة ، أو في مكتبه ، مكتب الشركة في خلدة..
وزاد في متانة العلاقة أنه شاعر مرهف وشفاف وفي منتهى البياض قلبا وحرفا وخلقا وأحاسيس..
ويوم شرفني بكتابة مقدمة لديوانه الشعري الثاني والاهتمام بتدقيقه ومتابعة طباعته، ازدادت بيننا اللقاءات ، وكم كان يشعر بالغبطة وهو يقرأ لي قصائده، ويحدثني عن المناسبات التي كتبت فيها..
الكرسي التي كان يجلس عليها أثناء أمسيات المنتدى كانت دائما الكرسي ذاتها، قريبا من إفريز الشرفة ، ليجد المكان المناسب لوضع منفضة السكائر.. سيكاره كان يرافقه، كما قلبه الذي على اتساع مجرة..
وقف على منبر المنتدى مرات عديدة ليقرأ قصائد في الوطن والجيش والحياة ، ويوم حفل توقيع كتابه ، احتشد المئات ، كانوات كثيرين ،مقبلين للمشاركة في توقيع كتاب شاعر يمتلك روح الإنسان المحلق والشفيف…
اليوم ، اجتمعنا في دار بشامون، كنا قلة كثيرة بسبب إجراءات الكورونا..
أبوبسام كان هناك، أم بسام ، المقربون للعائلة ، أصدقاء ومحبون، لكن زوجته غابت وأبنه نضال وبقية العائلة بسبب إقفال المطارات..
كلنا كنا هناك ، ولأول مرة لم يكن بيننا أبو نضال ، لم تلتمع ابتسامته كشمس دافئة..
في رحيلك يا أبا نضال .. الكلمات تشعر بالأسى ..
الأماكن ستفتقد للرجل الطيب النظيف الكف والقلب..
الشعر سيفتقد أطهر عصافيره الملحلقة لفضاءات الصدق والنشيد..
رحمك الله ، ستبقى فينا ، في قلب عصمت ومهاب وجهاد ، وفي قلب أم نضال ونضال والأحفاد..وفي قلب أصدقاء ومحبين ما أكثرهم يا صديقي.
أمثالك لا يغيبون.