أدب وفن

نفحات العيد …شعر و نثر / الأديبة حنان شبيب

لأنني أحبكم أرجو أن تقرؤوا النص.. كي لا يضيع وسط سيول التهاني… كل عيد وأنتم بخير.

سيداتي سادتي

الأزهار والنباتات في هذا الصباح تميل حيث أميل..وفي وجعي ينساب على وجهي بهاؤها وعطرها..كأنني شمسها وكأنها أمي…تتدلل في عيني وتتمايس في كفي…الحجر الكوروني جعلنا نقضي وقتًا طويلًا معا نتبادل أطراف الحديث وبريق النظرات…عرفتُ بيقين أن للنباتات إحساسًا عالي المستوى؛ تتعدد ألوانه وأشذاؤه وأبعاده.
لقد آنستنا في الحجر فامتد زمن إزهارها وتعددت مواسمه
أخبرتني أن الذبول خرافة وادعاء…الذبول نحن نصنعه إذا أردنا..
إنها ليست أشياء صغيرة على بساطتها…
أن نربّت على الورود وهي تتفتح أمرٌ ليس بالصغير….إنه حب الحياة وميلاد الجمال.
أن نسمع التأتأة من الصغير ونقلده أمر ليس بالهين..إنها السعادة بأقصى تجلياتها.
أن نشم رائحة الخبز عندما ينتفض كرة من الحب والخير والحياة أمر ليس بالصغير إنه مبعث السعادة وواحد من وجوه النعمة.
كلما حركت يدي بالرغيف أظن أنني خبزت للكون وأطعمته الحب.
عندما يأتي العيد من وسط الدخان وهو يعرك عينيه وينفض آثار الحريق العالقة بشعره وثيابه ووجهه..ليربت على أكتافنا ونحن في حجر، في حرب، في جوع، والموت يتمشى يجر أذيال الانتصار الكبير.. عندما يأتي العيد
علينا أن نغني له ونضمه ونحييه على تحمله عناء الطريق والحريق.

وإلى لبنان الحضن الأول الذي لمني وضمني يرحل حرفي ويحوم حول الديار.

قريبا من الحلم قد باغت النبض قلبي

قريبًا من الحُلمِ قد باغت النبضُ قلبي
وكنت أعدّ الثوانيَ قبل النهاية
على وقْعِ موتِ الحكاية..

فكم من حكايا تعرّتْ
وكم من ليالٍ تدلّتْ
وذئب هناك يفك ضفائرها حين يكتمل البدر ذات اعتكاف

وذات انزياحٍ عجيبْ
تبدّلُ نجمةُ صبحٍ غَنوجْ
ثيابَ الجمالِ وتلبسُ بُردَ الدموعْ
غيومٌ غيومٌ ولا غيثَ يهطلُ
‏ من غَيْنِها
‏ ولا الميمُ ترضعُ خِصْبَ الحقولْ.

وكان وكان…. وصار وصار

كؤوسُ الرّياحينِ عطرٌ يُدارْ
ووردٌ وفل وبوحُ عَرارْ
وسعيٌ وفكرٌ وشعرٌ ونثرٌ
وحي بن يقظانَ شرقَ الدّيارْ
يحيّي السّماءَ ويطلبُ حلًّاً
غريقُ سؤالٍ وفيه يحارْ
وطيرٌ هناكَ يحطُّ يطيرُ
يجيدُ التلطّي جميلُ السّوارْ
فأهلًا وسهلًا بأبناءِ صبحٍ
ومرحى بجارٍ كريمِ البحارْ
يدورُ حديثٌ ويعذُبُ بنٌّ
فترجو الزّهورُ بقاءَ النّهارْ
ويدنو هلالٌ بِسَمْتِ التقيِّ
يميلُ بقدٍّ يمينَ يسارْ
أما زالَ زهرٌ على عهدِ عطرٍ؟
وبدرٌ لعوبٌ بشباك دارْ؟
أَلمّا يزلْ في الكرومِ غَرودٌ
يغازلُ فجرًا… بَدارِ بدارْ؟
وزيتونُ قُدْسٍ زها فتجلّى
وتينٌ يؤدّي صلاةَ الجوارْ


“أحن القهوة أمي “أصيلا

“أحنُّ لقهوةِ أمّي” أصيلًا
لصوتٍ رخيمٍ وعذبِ الحوارْ
أنادي، أبي، فتردُّ الجبالُ
ويدمعُ قلبٌ شديدُ الأُوارْ
أروحُ أناغي مرايا السّنينَ
أسامرُ وجهًا بقلبِ الإطارْ
فأينَ اجتماعٌ في ليل عيدٍ
دعاءٌ وحبٌّ وحلوُ انتظارْ
أحقًّا سنابلُ أرضي تموتُ
وفي التّيهِ تقضي أماني الصّغارْ ؟

ولبنان سحرٌ وسرُّ نسيمٍ
وبحرٌ من الرّغَباتِ الكبارْ
مِنصّاتُ فكرٍ وديوانُ شعرٍ
حقولٌ تباهي بطيبِ البذارْ
فكيف استدارَتْ ليغلبَ صمتٌ؟
وكيف الذّبولُ يطالُ الثّمار؟
صراعُ الشّعورِ وفيضُ الحنينِ
أنينُ الوريدِ وصمتُ الدُّوارْ

وكانَ وكانَ حديثَ الليالي
ولكنّهُ الآنَ صارَ وصارْ
فلا همَّ يعلو على هم بطنٍ
ولا صوتَ يعلو على حسّ نارْ
أتُسفكُ أحلامُنا الوارفاتُ
ويُطلبُ منا ضحى الاِنبهار؟
ملأتُ جراري بأقداسِ حبٍّ
وهاأنذا أُخَلّي الجرارْ!!

ولكنني رغم كل ما يجري فأنا أشعر أن يد الرحمن تربت على أرواحنا، تمنحنا السكينة والأمان.

فلا يأسَ يبقى بروح الجمالِ
وصوتُ الأماني حذارِ حذارْ

سينفضُّ قبحٌ ويزهرُ وادٍ
يمينٌ يضيءُ بخدّ اليسارْ
وقنديلُ حبٍّ يسودُ البرايا
وبسمةُ عيدٍ تخطُّ المسارْ

كل عيد وأنتم بخير وحب وسلام وسعادة.

وأما حي بن يقظان فهو نموذج لكل حي يقظ الذهن..
وأما الطير الذي يجيد التلطي فهو الطير الذي كنا نلعب معا عندما كنا صغارا، ولما يزل رفيق الصغار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى