الدكتورة رقية فقيه كتبت عن رواية “وهم الانا”: ماذا يريد هذا الكاتب من روايته ؟!
الدكتورة رقية فقيه كتبت عن رواية “وهم الانا”:
ماذا يريد هذا الكاتب من روايته ؟!
أبدع عبد الحليم حمود في ترتيب الحوادث في روايته ترتيبا تصاعديا، من البداية إلى النّهاية، مع الكثير من التّعقيد في عمليّة السّرد إذ أنّ الكثير من الأحداث، تضمّ خيوطا متعدّدة، ولا تلتقي هذه الخيوط الا في لحظة ما، لحظة تشكّل إبداعيّة ابتكاريّة أعطاها عبد الحليم كلّ قوّته وتجلّت في الرّبع الأخير من الرّواية. أمّا قبل الرّبع الأخير فكان الكلام إسهابا في الكشف عن مظاهر ماديّة محسوسة منزوعة الرّوح، إذ تفكّكت القيم المتعلّقة بجوهر الإنسان وازداد في المقابل كشف اللثام عن نوازع ماديّة تفتقر للإنسانيّة في مختلف جنباتها.
برع حمّود في وصف الفضاء المكانيّ والأثاث والأغراض، لأنّه على دراية بأنّ مظاهر الحياة الاجتماعيّة لصيقة الذّات الانسانيّة ومرآة تعكس الغنى والفقر. ليهيئّ الجوّ المناسب في الكشف عن مكانين متناقضين، مكان فيه الإسراف والرّفاهية ومكان يفتقد لكلّ هذا.
مبنى الاينيون، يشكّل حضوره في الفضاء المكانيّ ظاهرة لافتة إذ استطاع عبد الحليم أن يحوّله مسرحا للثنائيات الضدية بين الغنى والفقر. الأمن والجريمة، الفضيلة والرذيلة، البوح والكتمان، الخوف والطّمأنينة، الحبّ الرّوحيّ والشّبق الجنسيّ، الانتماء واللاإنتماء، وغيرها من الثّنائيّات الّتي لا يخفى على عبد الحليم أنّها لصيقة الإنسان في كلّ زمان ومكان.
الشّخصيّات الثّلاث وجوه متنوّعة متناقضة لشخصيّة واحدة، وهنا تكمن براعة الكاتب، إذ يمكن أن تكون هذه الشّخصيّات الوجوه الحقيقيّة لكلّ منّا لكنّنا نهاب الكشف عنها خوفا من سلطة المجتمع علينا، فنكشف فقط عن الوجه المضيء الّذي يحتاجه الآخر ويسعد به أكثر ممّا تحتاجه الأنا وتسعد به.
لا أنكر أنّ عبد الحليم شاهد صادق، والشّاهد الصّادق هو من يبدع أدبا تقرأه الذّات وتتآلف معه من الأعماق، أنار الكتاب من جمر ذاته لكن لن يصل للكثيرين سوى حفنة رماد.قدّم مادّته بوضوح وكأنّه فتح أسقف المنازل، وشقّ النّفوس ليرى ما في داخلها وخارجها، وخلع الحجاب عن قلوب الشّخصيّات فانكشفت أمامنا بفعل مهارته ككتاب منشور.
فلسفة المساحات المضيئة ومضت كبريق ثمّ اختفت .لماذا هذه السّوداويّة؟ حقول معجميّة تنتمي إلى عالم الغاب أكثر منها إلى الإنسان.حتّى الحياة الجنسيّة الّتي تناولها الكاتب على مساحات شاسعة من روايته وصفها بوحشيّة،الشّذوذ، الاغتصاب، العلاقات الفاجرة، السّباب، العهر، الأفاعي….وغيرها من المفردات الّتي أبعدت عن الحياة الجنسيّة جمالها.
حيّرتني بعض المحطّات في كتاب عبد الحليم حمّود. ماذا يريد هذا الكاتب من روايته؟