أدب وفن

الياسمينة و النرجسة …بقلم الدكتور العميد محمد توفيق أبو علي

الياسمينة والنّرجسة
قيل إنّ نَرْجِسَة أغاظها جمالُ ياسمينة وضوعُها، فأوغرت صدر حارس دوحتها، كي يشوّه وجهها، ويعكّر أريجها؛ وكان لها ما أرادت، فأصاب وجهها شحوب، وشاب ضوعها ضمور؛ فاعتزلت قومها، معتصمة بالصّبر؛ وظلّت على هذه الحال، إلى أن طرق سمعها هاتفٌ يقول: صبرْتِ فظفرْتِ، تَدَثَّري بالحبّ وأُوبي إلى قومك!
وآبت الياسمينة إلى دوحتها مطمئنّة، راضيةً بما آلت إليه حالها؛ وبدأ الهمْزُ واللّمز:
ما الذي فعلتْه، حتّى استعادت نضارة ألقها؟ حدّثتِ النّرجسة نفسَها؛ ثمّ أردفت بصوت عال: أ”خَضَعْتِ” لتجميلٍ ما؟…ما الذي فعلتِه…ما لكِ واجمة لاتتكلّمين؟
…تكلّمي…
وبرباطة جأش، قالت الياسمينة:
_نعمْ، قمتُ بتجميلٍ عميق؛ فقد اغتسلتُ بماء الحبّ، حتّى تطهّرتُ من كلّ دنس؛ وشربتُ من جذوة المحبّة حتّى ثملتُ؛ فاستعدتْ بهاء
وجهي، وعاد ضوعي ينشر سلامه الأخضر
في المدى، ويبحث عمّن يحتاج إليه!
وقيل:إنّ مسًّا من الغَيْرة العمياء قد أصاب النّرجسة؛ فهي لم تكن تتخيّل أنّ الياسمينة لا تزال في تلك النّضارة، ولا يزال ضوعها ينبض بالجمال، مع كلّ ما أصابها؛ فاستيقظت، والغَيْرة تفترسها، ولم تدر ماذا تفعل… حاولت أن تصلّي، فهجرتها الكلمات، وازداد قلقها؛ حين بلغها صوت هاتف يقول: الحاقدون لاتُقبل صلاتُهم، اغسلوا آثامكم؛ فالّله لا يستجيب للظّالمين!
الحُبَّ… الحُبَّ… الحُبَّ!
… وزعم بعض أهل الرؤيا أنّهم رأوا
حفرة قد فغرت فاها في وسط الدّوحة، واشرأبّت بعنقها نحو الحارس والنّرجسة اللّذين أطلقا نداء استغاثة… وأنّهم رأوا الياسمينة تهبّ لنجدتهما، وهي تكرّر: الحُبِّ، الحُبّ، الحُبّ… وأنّهم رأو الحفرة تُطمر بسكينة وطمأنينة… وأنّهم رأوا الحارس والنّرجسة ينظران إلى الياسمينة في حال من الذّهول، وهما يردّدان: الحُبَّ، الحُبَّ، الحُبّ!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى