
أيّام قليلة تفصلنا عن بداية العام الدّراسيّ، والخاسر الأكبر هو التّلميذ، والمعلّم، والأهل، والمدرسة، والأمّة.
لذلك ينبغي أن يعود أولادنا إلى المدارس؛ لنحقّق التّوازن في نموّ شخصيّاتهم، والتّوازن العامّ في حياتهم، وينبغي أن تكون العودة آمنة تربويًّا ونفسيًّا وصحيًّا.
فإذا لم يكن التّعلّم عن قرب متوافرًا ينبغي تعزيز التّعلّم عن بعد، من خلال تأمين المستلزمات لذلك، ودعم المقوّمات الأساسيّة لهذه المقاربة، والعمل على إطلاق المدرسة الافتراضيّة، الّتي تعتمد الحلول الرّقميّة في مجالات عملها كلّها: الإداريّة، والماليّة والتّعليميّة، كون العودة الى المدارس مرتبطة بتطوّر جائحة كورونا، وكون التّعلّم عن بعد هو المقاربة الأصعب بالتّطبيق.
فالتّعلّم عن بعد يتطلّب :
- رؤية واضحة وخطّة عمل إجرائيّة، جامعة ومرنة.
- منهاجًا إلكترونيّا معدّلًا وفق التّعلّم التّفاعليّ عن بعد، وبيئة إلكترونيّة آمنة، وموارد تربويّة، وكتابًأ رقميّا محصّنًأ، وسلّة تّربويّة مدعومة.
- معلّمًا مدرّبًا على المقاربة الجديدة في التّعلّم عن بعد، وتلميذًا يجيد تطبيقها.
- برنامجًا للدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ والصّحّيّ.
- الإنترنت السّريع، والتّيّار الكهربائيّ المُستدام، والتّجهيزات الإلكترونيّة اللّازمة للمتعلّمين والمعلّمين.
فهل أعددنا العدّة لذلك؟ “بالتّأكيد، لا!
ويبقى التّحدّي في المصداقيّة والمهنيّة بالتّعاطي مع الموضوع، في ظلّ غياب المُستلزمات والمُقوّمات الأخرى لإنجاح بدء العام الدّراسيّ.
لا يوجد حلّ ناجع وشامل عند الجميع، بل خطط فرديّة مبعثرة، تنظيريّة غير قابلة للتّنفيذ. وبدلًا من أن يتمّ تحمّل المسؤوليّة من قبل المعنيّين، رُميَت المسؤوليّة على عاتق المعلّم، وعلى عاتق المدرسة، والأهل، والتّلميذ…
فالحصول على الفرص المُتكافئة في التّعليم والتّعلّم الجّيد، بكامل مضامينه وأنواعه وأساليبه وطرائقه، هو حقٌّ مكتسب لكلّ تلميذ ومعلّم.
ولكن، في ظلّ الوضع الحاليّ، لا يوجد أيّ تكافؤ في الفرص، ولا عدالة في التّوزيع، لا على مستوى التّلامذة، ولا على مستوى المعلّمين، ولا على مستوى المدارس.
فهل ستكون تجربتنا هذه السّنة مُشابهة لتجربتنا في العام الفائت؟
يكفي هدرًا لطاقات المعلّمين والتّلامذة وووقتهم، واستخفافًا بعقولنا..
وإلى متى رمي المسؤوليّة على الآخرين..
لقد فشلتم لأنّكم لم تتعاونوا، ولم توحّدوا الجهود، ولم تعملوا كمجموعة متماسكة، أو حتّى متناغمة في ظلّ الظّروف الاستثنائيّة.
فكانت النّتيجة جُزرًا تربويّة وقرارات عشوائيّة غير مدروسة..
وتبعثرت الجهود وضاع الأمل… وخسر أولادُنا عامًا دراسيًّا…
ما العمل؟ وكيف يمكن تجنيب أولادنا خسارة عام دراسيٍّ آخر؟
لماذا تديرون ظهوركم وأنتم ترون المصيبة آتية؟
لماذا تخبئون فشلكم برَمي المسؤوليّة على الآخرين: المعلّمين، التّلامذة، الأهل، والموظّفين.
لماذا تزيحون عن الموضوع الأساس، وتُلهون النّاس بمواضيع أخرى؟
يكفي استهتارًا، واستلشاقًا، واستعباطًا..!
نحن ما زلنا غير جاهزين لبدء العام الدّراسيّ وفق المعايير المنشودة.
إذا أردتم أن تقضوا على أمّة اهدموا التّربية فيها..
كلّ عامٍ دراسيٍّ أنتم بخير.
الخبير التّربويّ: ذ. حسن عليّ شرارة