من أنت…بقلم القاصّة مريم نزار الديراني/ العراق

من انتِ؟
مساء يوم جديد … ككل الأيام … جالسة على سريري بكل هدوء مبتعدة عن الضوضاء … فجأة! داهمني صوت، تخيلته صوتٌ يخاطبني … من أنتِ؟
نهضت من سريري إلى المرآة لعلها تساعدني في اكتشاف ذاتي… وأنا انظر في المرآة زادت جرأتي في الكلام فصوتي أصبح أعلى وكأن هناك قوة في كلماتي … صوتٌ عقّبَ صدى صرخاتي … حافزٌ او ربما قوة دفعت لساني للنطق بكل ثقة … قبل كل الصفات … قبل شخصيتي ومعلوماتي ، أجبت أنا عراقية أشبه أنكيدو بإصراري ، لا يهمني خمبابا الشرير ولا الثور ذو الأنفاس الحارقة … لاشيء سيقف حاجزاً أمامي، هكذا أنا سأبقى لنشر تاريخ حضارتي … لاشيء سيقف حاجزاً لنشر حبي الرافديني العريق … من أنتِ؟؟؟ أنا أنثى تحب الكتابة والتعبير فلا غرابة في ذلك فأول إمرأة كاتبة وشاعرة كانت من بلادي ، إنها الأميرة إنخدوانا ، إبنة سرجون الأكدي.
عاد صدى الصوت يسأل: من انتِ؟؟؟ اجبته بفخر، أنا انثى قوية شجاعة ولا غريب في ذلك فأول أنثى محاربة واجهت جيوشاً بكل قوة وانتصرت عليهم كانت من بلادي، تلك هي الملكة كوبابا فلا غرابة في شجاعتي وجرأتي . أتسألني من أنتِ؟؟؟ انا رغم قوتي وشجاعتي وأدبي لا أترك انوثتي في اناقتي الخارجية فشبعاد بو آبي كانت من حضارتي العريقة. أنا محبة للعلم والثقافة أسعى جاهدة لأقدم كل ما بوسعي من أجل شعبي ووطني .. لا غريب في ذلك فأول عالمة كيمياء وصانعة عطور كانت أيضا من بلادي وهي تبوتي. أنا مخلصة كالملكة شيبتو لملكي ومدينتي ووطني، ولا تستغربوا من حبي للعدالة والحق والمواجهة بالحكمة والمساواة فإصلاحات اوركاجينا (جئت لأخلص الضعيف من القوي ولن أدع أحد ينام وهو جائع) وحكم أحيقار (يا بني إذا جابهك عدوك بالشر فجابهه أنت بالحكمة) من وطني كانا هؤلاء. هل عرفت أيها الصوت من أنا؟؟؟ ولماذا قوية وواثقة !!! سأبقى الصوت الصارخ للشباب من أجل الحفاظ على حضارتنا … أرثنا … وكنزنا وأجعل منهم حافزاً للأبداع … نعم أيها الصوت سوف لا أدع الغريب يعرف عن تاريخنا ويستفيد منه أكثر منا … سأبقى الصوت الصارخ ليتعلم عن حضارته أكثر … تلك التي أهدت للبشرية حروف الكتابة الأولى ، لها أهدي كل كتاباتي ونشاط فكري. ومن صدى صرخاتي أشعر بأمل يسكن داخلي … أملي سيستفيق الشباب ويتمردوا على الألعاب الهاتفية وهوس التجميل والسخافة والمقالب لأجل المال ليبحثوا عن ارث حضارتهم التي تعادل كنوز عظيمة … أيها الصوت في وطني لا يزال هناك فنانين رسامين ونحاتين وهناك أدباء وآثاريين و … ينافسون أشهر المشاهير في الغرب ، كل يوم يكبر صدى صرخاتهم فيستلهمون من حضارتنا خصوبة الفكر مما تركوه لنا أجدادنا من حضارتنا العريقة … سينتصر صوت أبناء الرافدين الفنانين منهم والآثاريين ومحبي التاريخ … كلهم سينتصرون على الأصوات الشاذة ببسالتهم وقوتهم. حدقت عيني على المرآة مجدداً ، إذ بي أرى أنا و العشرات من الشباب من كلا الجنسين في ريعان عمرهم يمتلكون القوة والهدف في بداية المشوار.. سيكون مشواراً حاملاً رسائل ذات صدى غني بالشجاعة وحب الوطن وتاريخ حضارتنا العريق.