ما بعد البقاء…بقلم الروائي محمد إقبال حرب
ما بعد البقاء …
خذني إلى ما بعد البقاء. مر بي عبر كثبان الفناء لأشتم أرواح الغابرين، الذين جمعهم إله مجنون في خوابي الأبدية عند خمارة الخلود. عتّقتهم الأزمان فباتوا نبيذاً كونياً يسكبه في كأس الخلود عند بساط المجرّة الفسيح حيث حواري اليوم الموعود تمسح قدميه بخلاصة البشر.
مع كل عصر جديد حيث تنهار عوالم ترضي مذاقه، يغترف كأس أرواحها مدّ لا يحصى من النكهات. يستمتع بمحصوله على نغم الفناء تراتيل أوقاته. وعندما يجود زمانه بغروب يكتسح مجرة تائهة ينتشي بشواء الأشرار طبقاً مفضلاً.
أرواح يجمعها في رحلة صيد كونية، سلاحه أشباح عالم مجهول ووخزات الموت نبابيت مسوّمة إلى فرائسه في مزرعة تتصارع فيها أجساد بشرية زينها ببرامج الحب والقتل والنرجسية في قدسية صيد أسماها الموت.
الموت لا يظهر مرتين كالشبح الجبان. يطعن من الخلف، يستولي على الروح كما يفعل الحب. يهتك الجسد كغانية عابرة. ومتى اطمأن للانهيار التام يستولى زبانيته على الصندوق الأسود كلصوص علي بابا.
يا ضحكة الأشباح كم أنت شهية كرعشة اللقاء كم أنت عزيزة كدموع الراحلين
تأتين على حين غرة تقطعين وتر القيثارة. تنثرين الرعب بين أضلع البشر فيبتسم الموت. يرتعش الإله لصيد جديد وتموت نجمة أخرى. عين الإله الوحيدة تبتلع الرهبة
صوت الطّريدة يئن فناءً
الطّريدة حبيبة كائن ما صنعها قاتلها
تذرف دمعة صغيرة
يسرقها ذاك الدعيّ ليعمد بها طريدته قبل وأدها خوابيه
الحفل الإلهي قادم وخمرة الخلود تغلي بلون البشر إلى ذات مستقر
ذاك الشبح يدرك السر
ابتسامته الخبيثة وشت بذلك.
محمد إقبال حرب/شاعر و روائي