ريسا أصلان:الله هو فكرة .لا يهمني السؤال هل الله موجود أم لا
المؤرخ و الكاتب الإيراني ريسا أصلان
الباحث في الأديان و المؤرخ ريسا أصلان يحلِّل في كتابه “الله، قصة إنسانية”
هل هي سيرة الله؟ لا هي حكاية البشر الذي شكَّلوا الآلهة على هيئتهم و اشباههم، ولكن هذا الكتاب في ظاهره يدعو الى الريبة ، لكنه في جوهره لا ينكر وجود الله، بل يستحضر مكونات من كل الثقافات وعادات الشعوب في كل زمان ومكان،” بحثت عن امتداد روحي .الدماغ البشري -يقول ريسا اصلان- يميل إلى الإيمان بالله، بالآلهة أو بالحد الأدنى بروح ما ، هل هي فضيلة متطورة ، لا ليست كذلك ، ابحثوا عن التفسير في الجانب الآخر “.
يقول ريسا أصلان، لا أهتم للسؤال الذي يطرح دائما، هل الله موجود أم لا؟ و لكنني اهتم بالكلمة “الله ” ما هو بالتحديد ما يتمناه و يقصده كل واحد ينطق بها ، فكل واحد منا يفهمها بطريقة مختلفة . هكذا يحلل ريسا، المتخصص في دراسات الأديان، في كتابه الذي ينشره الآن في إسبانيا ” الله. قصة إنسانية .”
أصلان، الذي درس في مختلف المعاهد الأكاديمية، و تعرَّف إلى مختلف الأديان عبر البحث و الدراسة هو الإيراني المسلم الذي اعتتق المسيحية لاحقا ثم ترك المسيحية و عاد إلى الإسلام ثم اعتنق الوجودية التي تؤمن ب وحدة الوجود ، و بحسب أصلان، فإنه يقول عن هذه الديانة التي تدعو إلى وحدة الوجود ، إنها من أقدم الديانات و هي ترفض أن يكون هناك فاصل بين الخالق و الخلق، بل ترى الخالق في كل الأشياء و هو كل الأشياء.
أصلان لا ينوي أن يكون الداعية إلى الدين الذي يعتنقه الآن، و لكنه يعمل من خلال هذا الكتاب على اكتشاف ما وراء الأديان المختلفة ، فالأديان بنظره هي معتقدات إنسانية فيها مبادىء توجيهية مشتركة فيما بينها، و هو يرى زخما دينيا في جنس البشر و إغراء لا يقاوم بأنسنة الآلهة، سواء آمنا بإله واحد أو أكثر أو لم نؤمن بأي منها، فنحن من شكَّلنا الآلهة على شاكلتنا و ليس العكس ، بحسب ريسا أصلان.
الفكرة الأولى التي يناقضها اصلان، و التي تقول أن الدين قد طفا لأنه كان فضيلة تطويرية، و عامل تماسك في المجتمعات البدائية ، هنا الكاتب يظن العكس تماما ، أن الدين هو من المعوقات ، لأن كل المقدرات و الطاقات كانت يتم توظيفها من أجل البقاء ، و هكذا فإن كل الفرضيات تقول أنها ثمرة صدفة فضيلة تطويرية أخرى، و بكلمات أخرى انه لم يكن هنالك من أخلاقية في آلهة القدماء ، مثلا ، في بلاد ما بين النهرين و المصريين كانوا يتصفون بالظلم و العنف . و اليونان كانوا يتصفون بالغرور و غرابة الأطوار.
الفكرة الثانية التي يجابهها أصلان في كتابه، والتي تقول أن الدين ظهر بالتزامن مع الثورة الزراعية كي يموِّل ويقوي سلطة القائد ، لكن أصلان يزعم أن الزخم الديني قديم و من مئات آلاف السنين، و هي عملية نسبيا جديدة في الديانة ذات الطابع المؤسساتي المتمثل بالكهنة و المقامات الروحية .
يبدأ الكتاب بوصف اولى التجمعات البشرية بمقاربة فرضية الإنسان العاقل homo sapiens , التي ظهرت في النقوش و الصور على المغاور و الكهوف ، . و في مكان يدعو إلى الدهشة و هو في تركيا و يدعى غوباكلي تيبي GÖBEKLI TEPE. الذي كان ملاذا للصيادين منذ حوالي ١٢٠٠٠ سنة قبل الميلاد. و هي بقايا أول ديانة منظَّمة ، و هذا لا يدل فقط على بداية العصر الحجري بل على على بداية مفهوم الإنسانية ، كما وصف ريسا أصلان. و هكذا أيضا يدحض فكرة أن استمرارية العيش تولدت من الزراعة و تربية الحيوانات، بل نشوء ما يشبه المدن الصغيرة من المئات و احيانا من الألوف ، كانت هذا المدن تقوم حول تماثيل للعبادة ، و عندما يتم الإستمرار في العيش يبحثون عن شكل لمواجهة تزايد السكان، فيزرعون و يربون الحيوانات. و هو عكس ما كان يُعتقَد أو ماكان متعارفا عليه..
وحول كتابه يقول أصلان ريسا في مقابلة أجرته معه مجلة eltiempo في ابريل الماضي ، أن الدين هو دستور ، الإنسان هو من وضعه، فالدين اذا ما بحثنا أبعد من العقيدة و القواعد و الشعائر، هو لغة مؤلفة من رموز و صور تجعل الناس قادرة على التعبير عن أنفسهم و على التعبير فيما بينهم، عن شيء هو غالبا عصيا على التعبير ألا و هو الإيمان ، فبرأي ريسا أصلان أن لا أحد بحاجة إلى دستور و سلطة تلازمانه كي يعيش حياة روحية عميقة و ثرية المعنى ،أي بكلمات أخرى أن الدين و الإيمان شيئان مختلفان و دائما بحسب كلام ريسا أصلان.
ريسا أصلان الكاتب الإيراني و الأمريكي الجنسية ، باحث دؤوب في شؤون الأديان، كان دائما يعيش و رأسه ممتلىء بالأسئلة و الأفكار حول هذه المواضيع و قد كرس حياته من أجل كشف الأجوبة عنها
كتب أول كتاب بعنوان ” هناك إله واحد فقط ” و فيه عرض لمفهوم الإسلام .
ثم كتب” zelote -المتعصب ” عن المسيحية و آخر كتاب هو ” الله ، قصة إنسانية ” يحاول فيه أن يرد على السؤال التالي : ما الذي دفع بالإنسان البدائي إلى الإعتقاد بالكائنات الروحية ؟
ترجمة و اختيار سمية تكجي المصدر/ EL PAÍS