مجموعة قصائد للشاعرة فوزية العلوي/ تونس

شاعر
لم يكن يكتب
غير أن أصابعه تشبه الاقلام
وفمه كالمحبرة
لذلك كلّما دخل مدينة أو قرية
لطّخ جدرانها
الشرطة ألقت القبض عليه بامر من الملك
عندما صلبوه
طافت الطيور تنقر دمه
في صبيحة اليوم الموالي
كل الاعشاش امتلأت بالكلمات
لم يعد يذكر قصته غير حبيبته التي
كلما بكت نزلت دموعها حبرا
هكذا الحبّ
لا تستقطر الحب من أحد
ولا تترك دلاءك للريح
غيمة ماطرة تفاجئك
فتترع أكواب قلبك
حتى يسحً الماء على الأرصفة والشرفات
ويغرق أحذية المارة
فيحملقون في وجهك المعشوشب
وفي السوسن المزهر فوق حاجبيك
لا تنثر الحَبَّ للحساسين
هي وحدها
تبحث عن برعمك المخفيّ
في هسهسات النّسغ
تنتظره حتى إذا بزغ
جاءته زمرا وطافت به طواف العاشقين
لا تنتظر أحدا
الانتظار للقطارات والطائرات
والأرصدة التي في البنوك
ونشرات الانباء الملطخة
بمحاجر الأطفال ونهود النساء
وبيانات الأحزاب
التي يحبّرونها في دورات المياه
الشوق يأتي مخاتلا
خلاسيا
بقدمين من قطن وملاءة من فجر
وجمّة تعب القمر في تصفيفها
الشوق لا يطرق
.لا يستأذن .
لا جواز له ولا أختام
تنهض في صباحك المقشعرّ
تجده هناك في الزاوية المهملة
يحتسي نقيعا عطرا
يذكّرك شجرا نسيت اسمه
لكنه تعرفه كوجه أمك
يدخّن غليون الصدفة
يقفز قلبك وتصطكّ فرائصك
يومئ إليك بابتساماته
التي لا تسعها دواوين الشعر
تمشي إليه بلا قدمين
تجلس في حضرته مهيبا
كما لو في حضرة قطب منير
أهلا… لا تقولها شفتاك
بل يقولها حسّون عند شرفتك
وقطرات مطر
توزّعها زجاج نافذتك وعيناك.
زمان
ذاك أبي
انا وحدي أحصي خطاويه
واعرف كم من نبضة في الارض يزرعها
تلك عصاه
له فيها مآربه
ولا غنم كيما يهش عليها الذئب
ذاك تل الريح
يذود كلاهما عن الارض
حتي اذا جاء الخربف
وقفنا عليه ننادي الغيم
هيت لك ما أجملك
وما أجمل الزراع اذ اعجبتهم
سوق السنابل
وشعر مريم تذروه الرياح
فيضوع عطر القمح
والزيت المضمخ بالورود
تلك امي
عنزاتها البيض
حجل البيشكو المنقط
بيضاتها التي تعرف من اي الديوك
تناسلت
وكيف ستطلع حمر الفراخ وسودها
والازرق البني
حجراتها المتكآت علي جنب البيوت
مهراسها الملكي
غربالها الموروث
خلخالها اما شدا فوق الحصى
غزل الظهيرة اذ عاد ابي
وتمايلت كيما تعد غداءه والشاي
ومآرب السمر البهيج
أوطاننا تلك
وكل ما يهب الحياة عبيرها وخريرها
وغناء غزلان ثغت في تلة للريح
فترنحت لغنائها حلفاؤنا و الشيح
فطيرة القمر
امي تعد الخبز في الأشفاق
والقمر يعد فطائر نوره
حتى إذا توهجت الأقباس
تبادلا قرصين
امي تخفي فطيرة القمر في ردنها
والقمر يختفي تحت غيمة
كي لا يقتسم حصته مع النجوم
ابي يتعجل الوضوء والمغرب مقرفص
فوق هلال الصومعة
حتى إذا خرج من الباب الخلفي
نزل المغرب ليقوم في المحراب
والخطاطيف التي في التوتة الكثة تهلل
نحن الهرّات السمينات
المشغولات بخيوط الصوف
وحكايات شمس بين حيطين
ينهرنا ابي كي لا ننام قبل حفظ الأوراد
اضحك لاني اسرعهن حفظا
ولي كل هذا الليل لاسهر
واستحلف امي أن تهبني
قطعة من فطيرة القمر
الشاعرة فوزية العلوي/ تونس،