مقاربة عاجلة لحماية التنوع في الشرق
العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة
مقاربة عاجلة لحماية التنوع في الشرق
انه المشهد المظلم و انها الكارثة التي اصابت العقل و الروح و الجسد
فمزقت روابطنا الثقافية و الجغرافية و الحضارية و –انفرطت عرى الايمان التي توحدونا وفي مقدمها عورة الاخاء الديني
ونحن نقزم مقاربة سؤال الاخاء والتنوع في الشرق ندرك تماماً اتصال هذا السؤال بقضية الوجود والمصير
مواجهة المشاريع الاستعمارية التي تحاصر نهوضنا المرتجى على عين الله ورضاه
وفاجعة الواقع المرير يتلخص في
انهدام بنيان الامة في امنها الديني وامنها الاجتماعي وامنها السياسي
لتنكشف امام اعيننا الحقيقة الموجعة ان مشكلة الامن الديني في شرقنا العزيز ليست في اختلاف الاديان
بل في السياسات انظمة الفساد والاستبداد التي تلعب بأحزان الشرق ومصيره
كما تلعب بأديان السماء فذهبت بعيداً بابشع ما شهده العالم من مخططات سرطنة الدين ليصبح اداة من اداوات
القتل والتقسيم والارهاب
وقد تسللت الينا هذه المخططات
من نصوص القطع و الكراهية التي انتجت ظواهر التطرف والعصابات
فاخذت على الغرب وقاحته في الرسوم المسيئة لبني الاسلام من جون ان تلتفت الى وقاحتنا وجهالاتنا في التخوين و التكفير
لنعترف انها تسللت الينا من غابات الامية الدينية و احراشها الجاهلية التي انتجت بدورها ازمة –المونة بالدين ونزعات الوهم بامتلاك الحقيقية الدينية المطلقة
بين هذا وذاك تفكك نظامنا الاجتماعي
والسياسي فظهرت بيننا كيانات
الطائفيات السياسية فانكشفنا امام
العدو الاسرائيلي الذي استغل انهيار عنصر المناعة في اجتماعنا فطرح
مشروع الشرق الاوسط الجديد او الكبير بصيغة عدوانية متوحشة
وضمتنا جميعاً في خندق المواجهة
مع اطماعه التوسعية فلم نلتفت
حتى الان الى السؤال الجارح والمجروح لماذا اخفقنا في مواجهة هذا التحدي
من ستينات القرن الماضي من وثيقة المجمع الفاتيكاني مروراً بعشرات
المبادرات الاصلاحية وصولاً الى وثيقة الاخوة الانسانية
و السؤال هو السؤال لماذا فشلنا
ولماذا فشلت مبادرات الانقاذ لتحرير واقعنا بسيئاته وسلبياته
بأخطائه وخطاياه
يسعني القول باختصار ثمة عوامل تكاد تكون العائق الاكبر في مقاربتنا
للحديث عن فتح نوافذ الخلاص
احدها: لقد تراجع مفهوم الامة في
ادبياتنا لصالح مفاهيم المذاهبية والطوائف التي انتكست وتراجعت لصالح حراكات
العنف باسم الدين
وثانيها: في مدى ذالك ارتكبنا خطأ فادحاً
تقسيم اجتماعنا الديني الى اقلية واكثرية وتقسيم اجتماعنا السياسي الى تقدمية ورجعية
ثالثها : فتفجّرت الغرائز الدينية فاختزلت ديننا جغرافيات الانظمة والدول
رابعها:حتى اذا ما لذنا بوسيلة الحوار رقصنا في شرنقة اللاهوت والعقائد والتاريخ فغابت قضايانا الكبرى وغاب معها الانسان
وخامسها: هو مربط الخطر كله متمثل في
جنوحنا الى ربط قضيتنا المركزية عنيت بها
حماية التنوع, بالتدخلات الاجنبية فوقعنا في قبضة افتراسهم من جميع الجهات
وامام هذه الحرائق والخرائب كان
السؤال العميق مفتوحاً على مسؤوليات
الجميع: كيف نحمي التنوع من داخل
مقوماتنا الذاتية
وهاهنا اقولها بصراحة وبالفم الملآن وبالصرخة الحزينة
لا يمكن حماية التنوع في الشرق من
دون الاعتراف بحرية المعتقد واحترام
الحق بالاختلاف و السعي المثابر لبناء
الدولة المدنية العادلة دولة المواطنة
الكاملة و المتساوية دولة القانون
والمؤسسات المؤمنة بوجوب تحصين
الارض و الهوية الانسانية من اطماع الاعداء
ومدخلنا الى ذالك يجب ان نبدأ من تصحيح
علاقات الدول العربية و الاسلامية ببعضها
مع بعض لنعلن بصوت واحد عن ميثاق شرف ديني ووطني
ينهي والى الابد مخاوفنا المتبادلة
من نزعات الالغاء و الاقصاء و تؤسس لثقافة جديدة تحت شعار : كيف نختلف ونكون سعداء
وبكلمة صابرة سنبقي هواجسنا الان اكثر من اي وقت مضى: كيف لامة عجزت عن حماية ارضها و ثرواتها واستقلالها ان تحمي تنوعها وارثها الحضاري؟
وكيف لامة لم تحسم بعد اجاباتها على سؤال الهوية و المقاومة الالتزام بالينابيع
الصافية للدين وان تجترح معجزة حماية وجودها المتعدد و المتنوع
وان لنا ان نقول: واهم من يعتقد انه وبمفرده قادر على تحديات الحاضر و المستقبل؟
ولا يفوتني هنا الاشارة الى وجوب
استنهاض دور النخب الروحية والثقافية في تعزيز اواصرنا المنطقة وهي اوامر
نصفها في حصن الاسرة وبين يدي المرأة
الشرقي بوصفها صانعة الامل وصانعة السلام…
وتوصيتي لندوتكم المباركة بضرورة استمرار هذه اللقاءات وموازاتها– فكم وكم يعز علي ان لا ارى من بين سبعين فضائية دينية متخصصة
بتأجيج الفتن ،فضائية واحدة تعي بالتقريب والحوار والإخاء وحماية التنوع.
*أمين عام ملتقى الأديان