أدب وفن

نداء… لبنان يستغيث فأغيثوه!/رأي و رؤية/د. توفيق أبو علي

د. محمد توفيق أبو علي (أمين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين)

نداء
لبنان يستغيث فأغيثوه!
أستهلّ هذا النداء بتوجيه أصدق التعازي بكلّ شهيد قضى بسبب قطع الطّرقات، متمنّيًا أن تكون شهادتهم جسر تواصل بين اللبنانيّين، من أجل وحدة لبنان؛ وبعد:
فإنّ المستنيرين في ساحات الحَراك- وهم كثر-يعلمون علم اليقين، أنّ هذا الحَراك قد أنجز- فيما أنجز- أمرين مهمّين: هما كسْر جدار الصّنميّة السياسيّة، والحؤول دون نشوب الحرب الأهليّة؛ وهذان الإنجازان يستدعيان:
1- عدم بناء جدارٍ من الشّعارات المستفزّة مجّانًا شرائح اجتماعيّة، موقعها الطبيعي مؤازرة الحراك في مطالبه المشروعة.
2- عدم الوقوع في هاوية الرّدود الغرائزيّة الانفعاليّة الطّائفيّة والمذهبيّة والسياسيّة؛ وفي صدارتها قطع الطّرقات بين المناطق الذي يقود – كما رأينا- إلى تقطيع أوصال الوطن؛ فقطع الطّرقات – عند من يسوّغه طريقة من طرائق الاعتراض- يكون في بيئة لا تشبه بيئتنا في تشابك تعقيداتها الطّائفيّة والمذهبيّة؛ وقطع الطرقات عندنا ووفق ظروفنا الموضوعيّة يصبح-على نحو ما-رسالة تحدٍّ من فريق إلى فريق( وكلا الفريقين محتاج إلى الحراك لتحقيق المطالب المشروعة) ويضحي فصلًا لا وصلًا؛ كما أنّ هذا القطع يصبح قطعًا لأرزاق شريحة اجتماعية من المقهورين الذين يطالب الحراك برفع الظّلم عنهم، فضلًا عن تسبّبه بقتل الأنفس البريئة التي لا ذنب لها ولا وزر؛ لذلك فإنّني أناشد المستنيرين الكثر في ساحات الحراك بأن يَحُولوا دون قطع الطّرقات، والإبقاء على حركيّة الحراك في السّاحات، وأمام المؤسسات، حركيّة سلميّة راقية رقيّ الطموحات المشروعة.
3-إدراك المسؤوليّة الملقاة على عاتق أهل الحراك، في إبقائه متوهّجًا، بنور العقل والبصيرة، بغية تحقيق المطالب الموضوعيّةالمشروعة، بعيدًا من كلّ مراهقة سياسيّة، لا تحسن قراءة الواقع.
و مرّة أخرى أعيد القول: إنّ من المسلّمات التي يجب أن ترسخ في الأذهان، أنّ فشل هذا الحراك، -إن حصل- سيكون دفنًا للآمال في مدًى لا يحدّه مدًى؛ فلنعِ خطورة هذا الأمر، ولْنَسْعَ-بصدق وشجاعة ومسؤوليّة-إلى تحصين الحراك، بما يحقّق له ديمومة الاستمرار، حتّى تحقيق المراد المشروع. وهذا الأمر يقع، على نحو أساسيّ-على عاتق المؤمنين بالحراك سبيلًا إلى تحقيق العدالة؛ وعلى هؤلاء التمايز من بعض مستغلّي الحراك، لغايات ملتبسة أو مشبوهة.
4-إنّ على المستنيرين من قانونيي الحراك المسارعة إلى طلب موعد مع رئيس المجلس النّيابي؛ لمناقشته في تصويب ما يرونه خللًا في القوانين المعروضة على جلسة مجلس النّواب، قبل إقرارها؛ وعدم البقاء في المربّع الرّافض الذي يزيد من تعميق المشكلة؛ ومن خلال هذه الخطوة يكون الحراك قد أثبت أنّه “أم الصّبي”وأنه يسعى بجد للإصلاح؛ كما أنّ هذه الخطوة تضع السّلطة أمام اختبار حقيقيّ.
5- إنّ على السّلطة الإسراع بملاقاة الحراك في مطالبه الموضوعيّة المشروعة؛ وهذه الملاقاة تتطلّب شجاعة التّصدّي لأيّ مشروع مبهم، يسعى-عن قصد أو عن غير قصد- إلى وضع كينونة لبنان في مهبّ الرّيح؛ مع التأكيد مرّة بعد مرّة أن لبنان سيبقى عصيًّا على هذا السّقوط؛ وهذا الأمر من نتاج الحراك الذي حقّق-مع، وعلى الرّغم من-أمرين لا يمكن تجاوزهما، بل يجب تحصينهما؛ وهما-كما أشرت-: كسر جدار الصّنميّة السياسيّة، والحؤول دون الحرب الأهليّة.
حمى اللّه لبنان!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى