أدب وفن

التشابه الثقافي في الأمثال العربية والصينية – الفصل الخامس


بحث للباحث والمفكر البروفيسور تشو ليه سليمان الصيني رئيس جامعة الدراسات الدولية في بكين


“حصاد الحبر ” نشرت الفصول الأربعة الأولى من البحث، واليوم تنشر “حصاد الحبر الفصل الخامس ، يتحدث عن التضامن والتعادل والتسامح والتحمل . 

التضامن والتعادل والتسامح والتحمل

إن التضامن و التعادل من المبادئ الاخلاقية للمجتمع البشري. فهما يتطلبان من الناس ان يتصرفوا ويعالجوا الأمور بالعدل،وان يتجنبوا التطرف والشدة ،حتى تكون العلاقة بين الناس في حالة الاتحاد والانسجام والتناسق بحيث تصلح لتطور المجتمع.يحتوي التضامن والتعاون على مضمونات جدلية وافرة فهما من أخلاق الإنسان وآدابه ويدعوان الى وضع حد لمشاعر الناس ورغباتهم والى انسجام التصرفات مع الآداب والى عدم الانحياز وعدم التشابه مع الموافقة والى تجنب الانفعال والتطرف والميل من الطريق المستقيم.

والأمتان العربية والصينية تمتازان بهذه الصفات الممدوحة. والتقاليد العربية والصينية تدعو الناس الى ان يكونوا متضامنين مخلصين لطفاء مؤدبين .وفي رأي أمتينا إنه على الانسان أن يكيف نفسه مع البيئة وان ينسجم مع الظروف وان يختلط مع الناس حيثما ذهب ،وان يتجنب الشجار والتشابك مع الآخرين حتى إيجاد علاقة ودية بينه وبين غيره.والعرب والصينيون كلهم يهتمون كثيرا بالصداقة والمودة والوئام ويرون ان احسن الأمور أوساطها . وأمثال الأمتين بطبيعتهما عبرت عن هذه الأفكار.

فيما يلي الأمثال العربية:

– بشرك تحفة لإخوانك.

– الجواب اللين يصرف الغضب.

– خير الأمور أوساطها.

– الخصومة تورث العداوة والوئام يورث الصداقة.

– المشاورة قبل المثاورة.

– لا مال لمن لا رفق له.

وفيما يلي الأمثال الصينية:

– اللطف يأتى بالبركة.

– كلام لطيف يصرف الغضب.

– خير السياسات هي الوسطى.

– زاد صديق زاد طريق.

– اللطف قبل العنف.

– الرفق يأتى بالأموال.

إن أفكار التضامن والتعادل لخّصهما الشعب الكادح من تجاربهم لذا ظلت تحظى بإعجاب الناس عبر آلاف السنين. فيعيش معظم الناس حسب هذه الأفكار ويعالجون بها الأمور الواقعية وعلاقاتهم بين الآخرين وبالتالى يكون ظهور الأمثال تنعكس عن هذه الأفكار أمرا طبيعيا كما بيّن ذلك العلاقات الوثيقة بين الأمثال والثقافة.

إن التسامح والتحمّل من مبادئ حياة الإنسان ،ومن الموقف الإيجابي والمتطلب الأساسي لمعالجة الإنسان علاقته الاخلاقية مع الآخرين.وذلك يعنى أنه على الإنسان ان يكون واسع الصدر،شديدا على النفس، متسامحا مع الغير حين يعاملهم وان يفكّر في مصلحة الناس فلا يجبرهم على ان يفعلوا ما لا يحب ان يفعله بنفسه.والتقاليد العربية تدعو الى التسامح في معاملة الناس والتحمل أمام الصعوبات والمشقات،فالإنسان في الدنيا متعرّض لشتى الكوارث والمصائب.والموقف الإيجابي أمام ذلك هو التحمل والصبر والتسامح. ويرى العرب أن كثرة اللوم يأتى بالحقد والكراهية، فان للجواد كبوة، وان الحلم سيد الأخلاق وان الصبر مفتاح النجاح.

والأمثال العربية عن ذلك كثيرة، منها:

– تأمل العيب عيب

– ثمرة الصبر نجع الظفر

– الخضوع عند الحاجة رجولة.

– ربما اتسع الأمر الذي ضاق.

– في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق

– كثرة العتاب تورث البغضاء

وتدعو التقاليد الصينية إلى التسامح ومعاملة الناس بالحلم وإلى التفاهم بين الناس. لذا يري الصينيون أن التسامح نموذج من الأخلاق التقليدية ومبدأ الحياة.

والأمثال الصينية عن ذلك كثيرة أيضا، منها:

– المتواضع يفكر في خطئه والمتكبر ينظر إلى خطأ غيره.

– عدم الصبر يسبب خسائر فادحة.

– الذي يخضع عند الحاجة بطل.

– تتسع الدنيا للمتسامح

– الصبر كنز.

– صبر ساعة سعادة طول الحياة.

وكذلك فمن مفهوم الإسلام أن المسلمين إخوة وفي الفلسفة الصينية أن الناس في الدنيا إخوة. وكل ذلك يعني أن أفكار التضامن والتعادل والتسامح والتحمل من مبادئ الأخلاق التي يدعو إليها البشر كله وهي ربط روحي لتضامن وتناسق القوميات المختلفة، فلا يمكن لمجتمع ان يتطور إلا إذا كان أفراده يتحلون بهذه الصفات، ولا يمكن لأمة أن تسلم وتستقر إلا اذا كانت متسامحة متحملة.


حقوق النشر و الطبع محفوظة لصالح الباحث و يرخص بالنشر عبر موقع مجلة حصاد الحبر اللبنانية من قبل الباحث ومركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى